باب فى الرجل يقول فلان يقرئك السلام
حدثنا أبو بكر بن أبى شيبة حدثنا إسماعيل عن غالب قال إنا لجلوس بباب الحسن إذ جاء رجل فقال حدثنى أبى عن جدى قال بعثنى أبى إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال ائته فأقرئه السلام. قال فأتيته فقلت إن أبى يقرئك السلام. فقال « عليك وعلى أبيك السلام ».
هذا الحديث مختصر من حديث طويل فيه قصة؛ وذلك أن رجلا كان عريفا لقومه، وكان صاحب مائهم، فلما سمع بالإسلام جعل لقومه أن يعطيهم مائة من الإبل ويوزعها عليهم مقابل أن يدخلوا الإسلام، ثم بدا له أن يرتجعها منهم بعد أن أسلموا، فأرسل ابنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، "فقال: ائته فأقرئه السلام"، أي: اذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وبلغه مني السلام عليه، قال: "فأتيته، فقلت: إن أبي يقرئك السلام"، أي: إن أبي الغائب عنك أرسل لك السلام معي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "عليك السلام، وعلى أبيك السلام"، فرد النبي صلى الله عليه وسلم السلام على الابن الحاضر وعلى الأب الغائب، وهذا من حسن الأدب؛ لأن إبلاغ السلام من شخص لآخر أمانة ويدل على المحبة
ثم بلغ الابن سؤال والده إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ هل له أن يرتجع الإبل التي دفعها لقومه نظير إسلامهم أم لا؟ فقال: إن شئت ارتجعتها وإن شئت تركتها.
ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: "فإن هم أسلموا فلهم إسلامهم، وإن لم يسلموا قوتلوا على الإسلام"، أي: فإن بقوا على إسلامهم فالجزاء عند الله عز وجل، وإن ارتدوا عن إسلامهم بعد أخذ الإبل منهم، قوتلوا على ردتهم؛ وهذا لأن الدخول في الإسلام لازم ومتعين عليهم، فليس لهم أن يأخذوا عليه جعلا، وهذا بخلاف العطاء للمؤلفة قلوبهم؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لم يشارطهم على أن يسلموا فيعطيهم جعلا على الإسلام، وإنما أعطاهم عطايا مستقلة، وإن كان في ضمنها استمالة لقلوبهم وتألفهم على الدين وترغيب لمن وراءهم من قبائلهم في الدخول في الإسلام