باب فى قيام الرجل للرجل
حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن حبيب بن الشهيد عن أبى مجلز قال خرج معاوية على ابن الزبير وابن عامر فقام ابن عامر وجلس ابن الزبير فقال معاوية لابن عامر اجلس فإنى سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول « من أحب أن يمثل له الرجال قياما فليتبوأ مقعده من النار ».
حرص الإسلام على صلاح القلب والسريرة، والابتعاد عن كل سبب يوصل للكبر
وفي هذا الحديث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "من سره أن يتمثل له الرجال قياما"، أي: من أعجبه أن يقوم الرجال له إذا رأوه، فقيل: أن يقفوا بين يديه لخدمته وتعظيمه، وقيل: أن يقفوا لتعظيمه فقط، "فليتبوأ مقعده من النار"، فليتهيأ وليستعد، ليدخل مكانه في نار جهنم ومنزله فيها، وهذا الوعيد فيمن أراد هذا الفعل، وهو متكبر فخور بذلك، بحيث إن قام له الناس رضي وإن لم يقوموا غضب عليهم، بدليل قوله: من سره؛ أما إن قاموا من تلقاء أنفسهم، فلا يدخل في الوعيد، كقيام الرجل للعالم والحاكم، والقيام للتأديب؛ فكل هذا ونحوه ليس داخلا في هذا الوعيد، وقيل: بل النهي عام دون اعتبار تلك القرينة، وهي السرور؛ لأنه عمل نفسي، وهو أيضا غالب الوقوع؛ ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يكره قيام الصحابة له، وقيل: يعتبر في هذا الأمر حال الضرورة؛ فالقيام لبعض الناس لتقليل المفسدة حتى يدرك الحكم يختلف عن القيام الدائم للجميع الذي يجزى صاحبه بهذا الوعيد. وقيل: نهي النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه عن القيام له من باب التواضع، وما ورد عنه أنه قد أمر الناس بالقيام لسعد بن معاذ؛ فقيل: إن هذا من باب إكرام الكبير من المسلمين، وإكرام أهل الفضل، وإلزامه الناس كافة بالقيام إلى الكبير منهم، ولم يطلبه سعد رضي الله عنه، وقيل: إن القيام وتركه بحسب الأزمان والأحوال والأشخاص؛ فلا يوقف لمتكبر ولا لظالم ولا لمن يفرح بذلك، ويوقف لمن وجب توقيره واحترامه