باب فى الرجل ينتمى إلى غير مواليه
حدثنا النفيلى حدثنا زهير حدثنا عاصم الأحول قال حدثنى أبو عثمان قال حدثنى سعد بن مالك قال سمعته أذناى ووعاه قلبى من محمد عليه السلام أنه قال « من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام ». قال فلقيت أبا بكرة فذكرت ذلك له فقال سمعته أذناى ووعاه قلبى من محمد -صلى الله عليه وسلم-. قال عاصم فقلت يا أبا عثمان لقد شهد عندك رجلان أيما رجلين.
فقال أما أحدهما فأول من رمى بسهم فى سبيل الله أو فى الإسلام يعنى سعد بن مالك والآخر قدم من الطائف فى بضعة وعشرين رجلا على أقدامهم فذكر فضلا. قال أبو على سمعت أبا داود قال قال النفيلى حيث حدث بهذا الحديث والله إنه عندى أحلى من العسل يعنى قوله حدثنا وحدثنى قال أبو على وسمعت أبا داود يقول سمعت أحمد يقول ليس لحديث أهل الكوفة نور - قال - وما رأيت مثل أهل البصرة كانوا تعلموه من شعبة.
اهتم الإسلام بأمر الأنساب، وأمر بحفظها وصيانتها، وشرع من التشريعات ما تصان به من التداخل، ومن هذه التشريعات تحريم أن ينتسب المرء لغير أبيه
وفي هذا الحديث حذر النبي صلى الله عليه وسلم من نسب نفسه لغير أبيه الحقيقي، واتخذه أبا رغبة عن أبيه، وهو يعلم أنه ليس أباه؛ وقيد بالعلم؛ لأن الإثم إنما يترتب على العالم بالشيء، المتعمد له، فلا بد منه في الحالتين إثباتا ونفيا، وقيل: أتى هذا الشرط؛ لأن الأنساب قد تتراخى فيها مدد الآباء والأجداد، ويتعذر العلم بحقيقتها، وقد يقع اختلال في النسب في الباطن من جهة النساء، ولا يشعر به. وهذا الفعل الدنيء إنما يفعله أهل الجفاء والجهل والكبر؛ لخسة منصب الأب ودناءته، فيرى الانتساب إليه عارا ونقصا في حق، وأخبر بأن دخول الجنة محرم عليه
وفي هذا الحديث قصة، كما عند مسلم عن أبي عثمان النهدي، قال: لما ادعي زياد -أي: ادعاه معاوية- لقيت أبا بكرة فقلت: ما هذا الذي صنعتم؟! إني سمعت سعد بن أبي وقاص يقول، فذكر الحديث مرفوعا؛ وإنما خص أبو عثمان أبا بكرة بالإنكار؛ لأن زيادا كان أخاه من أمه، وقد ألحق زياد نسبه بأبي سفيان بن حرب، وكان أبو بكرة ينكر هذا
وفي الحديث: النهي والتحذير من انتساب الإنسان إلى غير أبيه
وفيه: أن انتساب الإنسان لقوم لا يوجد نسب له فيهم سبب من أسباب العذاب والحرمان من الجنة