باب فى المزارعة
حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار قال سمعت ابن عمر يقول ما كنا نرى بالمزارعة بأسا حتى سمعت رافع بن خديج يقول إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عنها.
فذكرته لطاوس فقال قال لى ابن عباس إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم ينه عنها ولكن قال « لأن يمنح أحدكم أرضه خير من أن يأخذ عليها خراجا معلوما ».
جاء الإسلام لينظم العلاقات والمعاملات بين الناس، وجعل هذه العلاقات قائمة على مبدأ التعاون والألفة، والمحبة والمودة، والبعد عن النزاع والشقاق، والضرر والظلم، والخداع
وفي هذه الرواية دار حوار بين عمرو بن دينار وطاوس بن كيسان، حيث كان طاوس يتعامل بالمخابرة، وهي: العمل في الأرض ببعض ما يخرج منها، وهي شبيهة بالمزارعة، لكن الفرق بينهما: أن البذر من العامل في المخابرة، وفي المزارعة من المالك. فقال له عمرو: لو تركت المخابرة لكان خيرا لك؛ فإن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقولون: إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنها، فأجابه طاوس: يا عمرو، إني أعطي العمال ما يغنيهم ويكفيهم، ثم قال له: وإن أعلم هؤلاء -يقصد ابن عباس رضي الله عنهما- الذين يزعمون أنه صلى الله عليه وسلم نهى عنه أخبرني: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينه عنها، أي: عن المخابرة، ثم روى طاوس عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أن يمنح أحدكم أخاه، خير له من أن يأخذ عليه خرجا معلوما»، أي: لو يعطي أحدكم أخاه الذي يتعامل معه أرضه منحة وعارية، لكان أولى من أن يأخذ عليه أجرا؛ لأنهم ربما يتنازعون في كراء الأرض، فيفضي بهم ذلك إلى الخصام والمشاحنة والتعدي على الحقوق؛ فكره النبي صلى الله عليه وسلم لهم ذلك؛ خشية وقوع الشر بينهم