باب فى ثواب قراءة القرآن
حدثنا سليمان بن داود المهرى حدثنا ابن وهب حدثنا موسى بن على بن رباح عن أبيه عن عقبة بن عامر الجهنى قال خرج علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ونحن فى الصفة فقال « أيكم يحب أن يغدو إلى بطحان أو العقيق فيأخذ ناقتين كوماوين زهراوين بغير إثم بالله عز وجل ولا قطع رحم ». قالوا كلنا يا رسول الله. قال « فلأن يغدو أحدكم كل يوم إلى المسجد فيتعلم آيتين من كتاب الله عز وجل خير له من ناقتين وإن ثلاث فثلاث مثل أعدادهن من الإبل ».
كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه فضل القرآن الكريم، ويبين أجر تعلمه وتعليمه وقراءته
وفي هذا الحديث يروي عقبة بن عامر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءهم وهم جالسون في الصفة، وهي موضع مظلل من المسجد النبوي الشريف، كان فقراء المهاجرين يأوون إليه، فسألهم: «أيكم يحب أن يغدو» وهو الذهاب أول النهار، «كل يوم إلى بطحان»، وهو موضع بقرب المدينة يسير من جنوبها وحتى غربها، «أو إلى العقيق»، وهو واد بالمدينة تتجمع مياهه من منطقة العقيق التي تبعد عن المدينة أكثر من مائة كيلومتر جنوبا، ويسير إلى مشارف المدينة، وخص بطحان والعقيق بالذكر؛ لأنهما أقرب المواضع التي تقام فيها أسواق الإبل إلى المدينة، «فيأتي منه بناقتين كوماوين»، والكوماء: الناقة العظيمة السنام، وضرب المثل بها لأنها من خيار مال العرب، وأن يحصل على الناقتين بغير إثم كسرقة، أو أن يقطع رحما بهما؟ فأجاب الصحابة رضوان الله عليهم أنهم يودون ذلك ويحبونه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لمن أراد ذلك الخير: «أفلا يغدو أحدكم إلى المسجد» فيبكر ويذهب إليه، «فيعلم أو يقرأ آيتين من كتاب الله عز وجل، خير له من ناقتين»، أي: فيكون الخير الذي يأتي من تعلم الآيتين أو قراءتهما أفضل عند الله من الحصول على ناقتين ومن خيرهما الذي كان سيعود عليه منهما، وكذلك ثلاث آيات أفضل من ثلاث ناقات، وأيضا أربع آيات أفضل من أربع ناقات، وقوله: «ومن أعدادهن من الإبل»، أي: كلما زاد من عدد الآيات في علمها أو قراءتها، كان له بعدد تلك الآيات أفضل من مثلها من الإبل، وفي هذا أن تعلم القرآن أفضل من طلب المال، وهذا على العموم، وهو أولى لمن كان عنده وقت فراغ
وفي الحديث: فضل طلب العلم، وفضل تعلم القرآن
وفيه: تعاهد النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه بالموعظة والإرشاد، وفي هذا تعليم لولاة الأمور؛ ليتأسوا بالنبي صلى الله عليه وسلم في تعاملهم مع رعيتهم