باب فى ذرارى المشركين
حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن ثابت عن أنس أن رجلا قال يا رسول الله أين أبى قال « أبوك فى النار ». فلما قفى قال « إن أبى وأباك فى النار ».
كانَ مِن عادةِ العَربِ في الجاهليَّةِ دَفْنُ بَناتِهم وهنَّ أحياءٌ؛ خَوفًا من الفَقرِ أو فِرارًا مِن العارِ، ولَمَّا جاءَ الإسْلامُ نَهى عن مِثلِ تلكَ الأفعالِ القَبيحةِ، وفي هذا الحديثِ يقولُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: "الوائِدةُ"، أي: هيَ التي قامَتْ بدَفنِ طِفلٍ حَيٍّ، وتَشملُ الأُمَّ أو التي باشرَت الدَّفنَ، "والمَوْءودةُ"، أي: هيَ البنتُ الصَّغيرةُ التي دُفِنتْ حيَّةً، وقيل: المرادُ بالمَوْءودةِ هنا أُمُّ الطِّفلةِ؛ لأنَّها برِضائها بدَفنِ مَولودتِها صارتْ كأنَّها قَتلَت نَفْسَها، وذلكَ أنَّ مِن عادةِ أهلِ الجاهِليَّةِ: أنَّ المرأةَ إذا أخذَها الطَّلقُ حُفِرَ لها حُفرةٌ عَمِيقةٌ, فجلَستْ علَيها, ومَعها المولِّدةُ وراءَها تَترقَّبُ الولدَ, فإنْ ولَدتْ ذَكرًا أمسَكتْه المولِّدةُ, وإنْ وَلدَتْ أُنثى ألقَتْها المولِّدةُ في تِلك الحُفرةِ, وأهالَتْ علَيها الترابَ
وقولُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم بأنَّهما: "في النَّارِ"، أي: إنَّ الوائدةَ في النارِ لقَتلِها ابنتَها، وما كانتْ عليهِ مِن الشِّركِ، وأما قولُه أنَّ الموْءُودة في النارِ، ففيهِ إشْكالٌ، وقدْ وُجِّهَ بأنَّه: في حالةِ كانَتْ البنتُ كَبيرةً بالغةً وكانتْ كافرةً، وأمَّا إذا كانتْ دونَ البُلوغِ فقد وُجِّهَ: أنَّ الأمرَ خاصٌّ بتِلكَ الطِّفْلةِ وليسَ على سَبيلِ العُمومِ لعِلمِ اللهِ بها وأنَّها كانتْ لو عاشَتْ ستكونُ مِن المشرِكينَ والكفَّارِ، أو يُحمل على أنَّ المرادَ من تَفسير الموْءودةِ أنَّها الأمُّ وليستِ الطِّفلةَ. والقاتلةُ الوائدةُ إذا أدركتِ الإسلامَ وأسلمتْ فإنَّ اللهَ غفورٌ رحيمٌ، والإسلام يَمحو ما قَبْلَه
وفي الحديثِ: أنَّ مَن رضِيَ بالفِعلِ كالفاعِلِ