باب فى قبلة ما بين العينين
حدثنا أبو بكر بن أبى شيبة حدثنا على بن مسهر عن أجلح عن الشعبى أن النبى -صلى الله عليه وسلم- تلقى جعفر بن أبى طالب فالتزمه وقبل ما بين عينيه.
كان أبو بَكرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللهُ عنه أشَدَّ أصحابِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حُبًّا له، وكان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُحِبُّ أبا بَكرٍ حُبًّا كَثيرًا، بَل قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: لو كُنتُ مُتَّخِذًا أحَدًا خَليلًا لاتَّخَذتُ أبا بَكرٍ، وكان أبو بَكرٍ يَحرِصُ على صُحبةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في جَميعِ أوقاتِه، ولمَّا توُفِّيَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حَزِن عليه أبو بَكرٍ حُزنًا شَديدًا؛ تَقولُ عائِشةُ رَضِيَ اللهُ عنها: إنَّ أبا بَكرٍ رَضِيَ اللهُ عنه دَخَلَ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بَعدَ وفاتِه، أي: دَخَل على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في بَيتِه، وهو مَيِّتٌ، فوضَعَ فَمَه بَينَ عَينَيه، أي: وضَعَ أبو بَكرٍ فَمَه بَينَ عَينَيِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وقَبَّلَه؛ ففي رِوايةٍ أُخرى: أنَّه قَبَّلَ جَبهتَه، ووضَعَ يَدَيه على ساعِدَيه. وساعِدُ اليَدِ: هو ما بَينَ المَرفِقِ والكَفِّ، أي: وضَعَ أبو بَكرٍ يَدَيه على ساعِدَيِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأمسَكَ بهما، ثُمَّ قال: وانبِيَّاه! واصَفِيَّاه! والصَّفِيُّ: الصَّديقُ المُختارُ، واخَليلاه. الخَليلُ: الصَّديقُ، أي: يَتَوجَّعُ ويَتَألَّمُ لفِراقِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ويَصِفُه بأنَّه كان صَديقَه المُخلِصَ، الذي كان يُحِبُّه أكثَرَ مِنَ النَّاسِ كُلِّهم، وكان يُفضِّلُه على كُلِّ أحَدٍ حتَّى على نَفسِه. وهذا الأُسلوبُ يُسَمَّى النُّدبةَ، وهو إعلانُ اسمِ المُتَفجَّعِ عليه، وليس هذا مِنَ النِّياحةِ المَنهيِّ عنها إذا لم يَكُنْ في القَلبِ اعتِراضٌ على المُصيبةِ ولا جَزَعٌ.
وفي الحَديثِ مَشروعيَّةُ تَقبيلِ المَيِّتِ
وفيه مَشروعيَّةُ نَدبِ المَيِّتِ
وفيه شِدَّةُ حُزنِ أبي بَكرٍ رَضِيَ اللهُ عنه على وفاةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
وفيه فضيلةُ أبي بَكرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، وأنَّه كان صاحِبَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وصَديقَه
وفيه اهتِمامُ عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها بأمرِ الشَّريعةِ، وأنَّها لم يَشغَلْها ما كان مِن أمرِ النَّاسِ يَومَ وفاةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن حِفظِ ونَقلِ السُّنَّةِ