باب فى قبلة الرجل ولده

باب فى قبلة الرجل ولده

حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد أخبرنا هشام بن عروة عن عروة أن عائشة رضى الله عنها قالت ثم قال تعنى النبى -صلى الله عليه وسلم- « أبشرى يا عائشة فإن الله قد أنزل عذرك ». وقرأ عليها القرآن فقال أبواى قومى فقبلى رأس رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. فقالت أحمد الله لا إياكما.

قصة الإفك التي رميت بها أم المؤمنين عائشة بهتانا وكذبا كانت من أعظم الحوادث، وكانت اختبارا حقيقيا لصدق الإيمان لدى كثير من المسلمين، وقد أنزل الله بيانا واضحا لبراءتها، وهذا من فضل الله عليها وعلى النبي صلى الله عليه وسلم والأمة كلها
وفي هذا الحديث تقول عائشة رضي الله عنها: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: "أبشري يا عائشة؛ فإن الله قد أنزل عذرك"، أي: أنزل الله براءتك مما تقولوه عليك في آيات من الوحي تتلى إلى يوم القيامة، "وقرأ عليها القرآن"، أي: تلا عليها النبي صلى الله عليه وسلم الآيات التي فيها براءتها، وهي قوله تعالى: {إن الذين جاؤوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم * لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا إفك مبين * لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون * ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة لمسكم في ما أفضتم فيه عذاب عظيم * إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم * ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم * يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم مؤمنين} [النور: 11- 17]، قالت عائشة: "فقال أبواي- وهما أبو بكر الصديق وأم رومان-: قومي فقبلي رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم"، أي: قبلي رأس النبي صلى الله عليه وسلم واشكريه على ما بشرك به من البراءة من عند الله تعالى، فقالت عائشة رضي الله عنها: "أحمد الله لا إياكما"! أي: أقدم الحمد والشكر لله وليس لأحد منكم؛ فهو الذي أنزل براءتي من فوق سبع سموات؛ قيل: وإنما أطلقت ذلك لما خامرها من الغضب من كونهم لم يبادروا بتكذيب من قال فيها ما قال مع تحققهم حسن طريقتها، وقيل: قالت ذلك إدلالا كما يدل الحبيب على حبيبه، وقيل: أشارت إلى إفراد الله تعالى بقولها؛ فهو الذي أنزل براءتها فناسب إفراده بالحمد في الحال، ولا يلزم منه ترك الحمد بعد ذلك
وفي الحديث: أن النعمة من الله تستوجب شكره عليها