باب ما جاء فى الكبر
حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى حدثنا عبد الوهاب حدثنا هشام عن محمد عن أبى هريرة أن رجلا أتى النبى -صلى الله عليه وسلم- - وكان رجلا جميلا - فقال يا رسول الله إنى رجل حبب إلى الجمال وأعطيت منه ما ترى حتى ما أحب أن يفوقنى أحد - إما قال بشراك نعلى. وإما قال بشسع نعلى - أفمن الكبر ذلك قال « لا ولكن الكبر من بطر الحق وغمط الناس ».
الكبر والتكبر والتعاظم على الناس من الصفات التي تدل على فساد القلوب، ولذلك حرم الشرع الكبر على الخلق؛ لأنه يعني استعظام الذات، ورؤية قدرها فوق قدر الآخرين، ولا ينبغي هذا إلا لله تعالى؛ فهو المستحق له، وكل من سواه عبيد له سبحانه
وفي هذا الحديث يوضح النبي صلى الله عليه وسلم سوء عاقبة الكبر، ويصوب بعض المفاهيم عند الناس المتعلقة بحسن الهيئة، فيخبر أن الله عز وجل لا يدخل أحدا الجنة وفي قلبه وزن ذرة من الكبر، والذرة هي الغبار الدقيق الذي يظهر في الضوء، أو هي النملة الصغيرة، وهو يدل على أن أقل القليل من الكبر إذا وجد في القلب كان سببا لعدم دخول الجنة، وعدم دخول الجنة هنا إذا كان المرء مسلما معناه: أنه لا يدخلها ابتداء حتى يجازى على هذا الكبر
وقد ظن أحد الصحابة رضي الله عنهم أن تجميل الثياب والمظهر يدخل ضمن الكبر الذي يحذر منه النبي صلى الله عليه وسلم، فسأل الرجل النبي صلى الله عليه وسلم: هل يعد حب الإنسان أن يكون ذا هيئة ومظهر حسن من الكبر؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله جميل يحب الجمال»، أي: يحب الحسن من الأشياء؛ فبين أن الهيئة الحسنة من النظافة والجمال الذي يحبه الله ولا يبغضه ما دام لم يورث في القلب ترفعا على الناس، وإنما هو من بيان نعمة الله عليه، ثم أوضح النبي صلى الله عليه وسلم أن معنى الكبر المقصود هو «بطر الحق»، أي: رفض الحق والبعد عنه ترفعا وتجبرا، وأن يجعل ما جعله الله حقا من توحيده وعبادته باطلا، وقيل: هو أن يتجبر عند الحق، فلا يراه حقا، ولا يقبله، «وغمط الناس»، أي: احتقارهم وازدراؤهم، فمن كان في قلبه مثقال ذرة من هذا، يوجب له أن يجحد الحق الذي يجب عليه أن يقر به، وأن يحتقر الناس، فيكون ظالما لهم، معتديا عليهم؛ لم يكن من أهل الجنة الداخلين فيها ابتداء، بل يكون من أهل الوعيد، المستحقين للعذاب على الكبر
وفي الحديث: النهي عن التكبر ورفض الحق والبعد عنه
وفيه: مشروعية التجمل بلبس الثياب الجميلة، والنعال الجميلة
وفيه إثبات اسم «الجميل» لله سبحانه، وأنه من أسمائه الحسنى