باب فى كراهية الحلف بالآباء
حدثنا محمد بن العلاء حدثنا ابن إدريس قال سمعت الحسن بن عبيد الله عن سعد بن عبيدة قال سمع ابن عمر رجلا يحلف لا والكعبة فقال له ابن عمر إنى سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول « من حلف بغير الله فقد أشرك ».
علم النبي صلى الله عليه وسلم أمته أمور التوحيد وبين لهم صغير الشرك وكبيره ليجتنبوه، وكذلك حرص الصحابة من بعده، ومن ذلك بيان أن الحلف والقسم لا يكون إلا بالله عز وجل أو أحد صفاته
وهذا الحديث مختصر من حديث آخر، وفيه: "أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما سمع رجلا يحلف بـقوله: لا والكعبة"، أي: يقسم بغير الله، "فقال له ابن عمر"، أي: منبها للرجل على قسمه، إنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك"، أي: أشرك معه غيره عز وجل. وهذا للزجر والتغليظ في النهي والامتناع عن مثل هذا الحلف، ومن الحكمة في ذلك: أن الحلف يقتضي تعظيم المحلوف به، والعظمة إنما هي لله وحده؛ فلا يحلف إلا بالله وأسمائه وصفاته سبحانه.ولا تنعقد اليمين بالحلف بمخلوق; كالكعبة والأنبياء وسائر المخلوقات
والحلف بغير الله ليس شركا محضا؛ فالحلف بغير الله من الشرك الأصغر؛ وقد نهى عنه الشرع لأنه ذريعة إلى الشرك الأكبر ووسيلة للوقوع فيه، بخلاف من تعمد الحلف بغير ذات الله، وكان حالفا بما يشرك به؛ مثل الحلف بالنصرانية وغيرها، فهذا كفر محض، وكذلك إذا ظهر بالقرائن أن الحالف يعظم ما حلف به كتعظيم الله تعالى أو أشد؛ فحينئذ يكون من الشرك الأكبر
والشرك الأصغر لا يخرج من وقع فيه من ملة الإسلام، ولكنه من أكبر الكبائر بعد الشرك الأكبر، وعلى هذا فمن أحكام من وقع في الشرك الأصغر أن يعامل معاملة المسلمين، ولا يخلد في النار إن دخلها كسائر مرتكبي الكبائر عند أهل السنة والجماعة، خلافا للخوارج والمعتزلة