باب في الحوض 6
بطاقات دعوية
عن أنس رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
"ليردن علي ناس من أصحابي الحوض، حتى إذا عرفتهم اختلجوا دوني، فأقول: أصحابي! فيقول: لا تدري ما أحدثوا بعدك
الحوْضُ مَجمَعُ ماءٍ عظيمٌ يَرِدُهُ المُؤمِنون في عَرَصاتِ القِيامةِ، وهو مِن فضْلِ اللهِ الذي أعطاهُ لنَبيِّه محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ زِيادةً في إكرامِهِ ولُطفِه به وبأُمَّتِه، وسيشرَبُ منه المُؤمِنون الموحِّدون باللهِ عزَّ وجَلَّ.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بمَوقِفٍ مِن مَواقفِ القِيامةِ التي أعلمه اللهُ إيَّاها؛ فإنَّه سيأتي إليه أُناسٌ كَانوا أَصْحابَهَ أو مِن أتْباعِ دِينِه على حَوضِهِ الَّذي أَعْطاهُ اللهُ، حتَّى إذا عَرَفَهمُ اخْتُلِجُوا دُونَه، أي: أَبعدَتْهُم الملائِكةُ عنهُ وعنْ حَوضِهِ، فيُنادِي علَيهِمْ ويقولُ: أصْحابي! أي: يَستغرِبُ أنَّهم مِن أصْحابِهِ ومعَ هذا يُبعَدُونَ عنِ الحوضِ، فيُجابُ عَليه ويُقالُ له: «لا تَدْري ما أَحدَثوا بعدَكَ» مِن الرِّدَّةِ، مِثلَما حدَث أيَّامَ أبي بَكرٍ رضِيَ اللهُ عنه، أو أنَّهم كانوا مُنافِقين ولم يَرجِعوا إلى الإسلامِ، فاستَحقُّوا الإبعادَ عنكَ وعنْ صُحبَتِكَ.
وهذا يَدُلُّ على عَظيمِ خَطرِ الإحداثِ في الدِّينِ بعْدَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وفيه تَهْديدٌ شَديدٌ لكلِّ مَن أحْدَث في الدِّين ما لا يَرضاهُ اللهُ بأنْ يكونَ مِن المطرودِينَ عن الحوضِ، ومِن أشدِّ هؤلاءِ المُحْدِثينَ في الدِّينِ: مَن خالَفَ جَماعةَ المُسلِمينَ، كالخَوارجِ والرَّوافضِ وأَصحابِ الأهواءِ، وكذلك الظَّلَمةُ المسرِفونَ في الجَورِ وطمْسِ الحقِّ، والمُعلِنون بالكبائِرِ؛ فكلُّ هؤلاء يُخافُ عليهم أنْ يَكونوا ممَّن عُنُوا بهذا الحديثِ.
".