باب لا يحل لأحد أن يرجع في هبته وصدقته

بطاقات دعوية

باب لا يحل لأحد أن يرجع في هبته وصدقته

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -:
"ليس لنا مثل السوء؛ الذي يعود (وفي طريق: العائد) في هبته كالكلب [يقيء، ثم 3/ 135] يرجع في قيئه"

الرُّجوعُ في الهِبةِ مِن الأفعالِ الذَّميمةِ والتَّصرُّفاتِ الدَّنيئةِ التي تُنافي المُروءةَ، ولا يَرتَضيها الطَّبعُ السَّليمُ، ومِن ثَمَّ نفَّرَ منه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وشبَّه فاعِلَه بأقبَحِ الصُّوَرِ وأشنَعِها.
وفي هذا الحديثِ يُبيِّنُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه لا يَنبغي ولا يَحِلُّ لنا أنْ نَرتَضِيَ لأنفُسِنا مثَلَ السَّوءِ، «الذي يَعُودُ في هِبَتِهِ كالكَلْبِ يَرْجِعُ في قَيْئِهِ»، بأنْ يَقِيءَ ما في بطْنِه ثمَّ يَعودَ فيَأكُلَ قَيئَه؛ فشبَّهَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الذي يَعودُ في هِبَتِه التي يُعْطيها لغيرِه بالكَلْبِ يَرجِعُ في قَيئِه. والمعْنى: لا يَنْبغي لنا مَعشَرَ المؤمنينَ أنْ نتَّصِفَ بصِفةٍ ذَميمةٍ نُشابِهُ فيها أخسَّ الحَيَواناتِ، وقَليلًا ما جاءَ هذا التَّشبيهُ في الشَّريعةِ؛ ممَّا يَدلُّ على عِظَمِ قُبحِ هذه الفِعلةِ، وإنَّما شَبَّهه بالقَيءِ ولم يُشبِّهْهُ بغيرِه مِن المحرَّماتِ؛ تَقْبيحًا لشَأنِه، وأنَّ النَّفْسَ كما تَكرَهُ الرُّجوعَ في القَيءِ وتَأنَفُ منه وتَستقذِرُه؛ فكذا يَنبَغي أنْ تَنفِرَ مِن الرُّجوعِ في الهِبَةِ وتَكْرَهَه.