باب في الذي يقول هلك الناس
بطاقات دعوية
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال إذا قال العبد (1) هلك الناس فهو أهلكهم قال أبو إسحق (وهو ابن محمد بن سفيان) لا أدري أهلكهم بالنصب أو أهلكهم بالرفع. (م 8/ 36)
نَهى الإسلامُ وحذَّرَ مِنِ احتقارِ النَّاسِ وتَنقيصِهم، أو تَقنيطِهم مِن رَحمةِ اللهِ وغُفرانِه، أو التَّرفُّعِ عليهم بالأعمالِ الصَّالحةِ؛ لأنَّ اللهَ سُبحانَه وتَعالَى بيَدِه مَقاليدُ الأمورِ، والقلوبُ بيْن يَدَيه يُقلِّبُها كيْف يَشاءُ، ويَحكُمُ في خَلقِه بما شاء
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ الإنسانَ إِذا قال: «هَلكَ النَّاسُ»، أيِ: استَوجَبوا عِقابَ اللهِ عليهم، وإنَّما قال ذلك إعجابًا بنَفسِه وتَصاغرًا للنَّاسِ، «فهوَ أَهلَكُهم»، رُوِيَ: «أَهْلَكهم» بضَمِّ الكافِ وفَتحِها، ورِوايةُ الضَّمِّ أَشهَرُ، ومَعناها: فهو أسبَقُهم لهذا العِقابِ وأحقُّهم به؛ لِما وَقَع فيه مِن الغُرورِ والإعجابِ بصَلاحِه، ورِوايةُ الفتْحِ مَعناها: أنَّه تَسبَّبَ في هَلاكِهم؛ لِما يَترتَّبُ عليه مِن يَأسِ النَّاسِ وقُنوطِهم مِن رَحمةِ اللهِ بسَببِ قولِه ذلك
وقد اتَّفَقَ العُلماءُ على أنَّ هذا الذَّمَّ إنَّما هو فيمَن يَقولُه على سَبيلِ احتقارِ النَّاسِ وتَفضيلِ نفْسِه عليهم وتَقبيحِ أحوالِهِم؛ لأنَّه لا يَعلَمُ سِرَّ اللهِ في خَلْقِه، وأمَّا مَن قال ذلك تَحزُّنًا لِما يَرى في نفْسِه وفي النَّاسِ مِن النَّقصِ في أمْرِ الدِّينِ، أو قال ذلك مُقارَنةً بيْن أحوالِ النَّاسِ في زَمانِه وبيْن أحوالِ الصَّحابة والصَّالِحين؛ فلا بَأسَ عليه، وقدْ أخبَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه لا يَأْتِي زَمانٌ إلَّا الَّذي بَعْدَه شَرٌّ منه، كما أخرَجَه البخاريُّ
وفي الحديثِ: النَّهيُ عنِ العُجبِ والكِبْرِ
وفيهِ: النَّهيُ عنِ القُنوطِ مِن رَحمةِ اللهِ