باب في حوض النبي - صلى الله عليه وسلم - وعظمه وورود أمته 6
بطاقات دعوية
عن ثوبان - رضي الله عنه - أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قال إني لبعقر حوضي (3) أذود الناس (4) لأهل اليمن أضرب بعصاي حتى يرفض (5) عليهم فسئل عن عرضه فقال من مقامي إلى عمان وسئل عن شرابه فقال أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل يغت فيه (6) ميزابان يمدانه من الجنة أحدهما من ذهب والآخر من ورق. (م 7/ 70
الكَوثرُ والحوضُ مِن فَضلِ اللهِ الَّذي أعطاهُ لنَبيِّه محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يوْمَ القيامةِ؛ زِيادةً في إكرامِهِ ولُطفِه به وبأُمَّتِه، وسيَشرَبُ منه المُؤمِنون الموحِّدون باللهِ عزَّ وجَلَّ، المتَّبِعون لهَدْيِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يوْمَ القيامةِ.
وفي هذا الحديثِ يَرْوي ثَوبانُ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: «إِنِّي لبعُقْرِ حَوضِي»، وَهوَ مُؤخَّرُ الحوضِ أَو مَقامُ الشَّارِبِ، والحوضُ هوَ مُجتمَعُ الماءِ يُوضَعُ في أرضِ المحْشَرِ يوْمَ القيامةِ، وقولُه: «أَذودُ النَّاسَ«، أي: أَطرُدُهم وأَدفَعُهم كَما يَطرِدُ السَّاقي النَّاقةَ الغَريبَةَ مِنَ الإبلِ عَنِ الحَوضِ إذا أرادتِ الشُّربَ مع إبِلِه، والمرادُ بالنَّاسِ المُرتدُّونَ أو المُنافِقونَ، أو المُبتدِعون؛ لأنَّهم أحْدَثوا وبدَّلُوا بعْدَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، كما في رِوايةِ الصَّحيحينِ مِن حَديثِ أنَسٍ رَضيَ اللهُ عنه، وإنَّما يُطرَدُ هؤلاء لأَجلِ أَهلِ اليَمنِ حتَّى يَتقدَّموا ويَشْرَبوا قَبلَ غَيرِهم؛ ولعلَّ ذلكَ لأنَّ أَهلَ اليَمنِ دَخَلوا في الإِسلامِ دونَ حَربٍ أو قِتالٍ، ثُمَّ نَصَروا الإِسلامَ نَصرًا مُؤزَّرًا، أو لأنَّ الأَنصارَ مِن أهلِ اليَمنِ، وقَد تَقدَّموا إِلى الإِسلامِ ونَصروا النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ودافَعوا عَنه، فيَدفَعُ غيْرَهم حتَّى يَشْرَبوا كما دَفَعوا في الدُّنيا عنه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أعْداءَه والمكروهاتِ؛ ولذلك قال للأنصارِ: «اصْبِروا حتَّى تَلْقَوني على الحوْضِ» مُتَّفقٌ عليه، وفي هذا الموقفِ يَضرِبُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بعَصاهُ مَن أراد مِن النَّاسِ الشُّربَ مِن الحَوضِ قبْلَ أهلِ اليَمنِ ويَدفَعُهم عنه حتَّى يَصِلَ أهْلُ اليمَنِ، ويُحتمَلُ أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَضرِبُ الحوْضَ بالعَصا حتَّى «يَرْفَضَّ عليهم» أي: يَسيلَ ماؤهُ، فسُئِلَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن عَرضِ الحَوضِ، فَقال: «مِن مَقامي» يُريدُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المدينةَ، «إلى عَمَّانَ» وهيَ عاصمَةُ الأُردُنِّ اليومَ، وهذا تَقريبٌ لسَعةِ الحوْضِ يوْمَ القيامةِ. وسُئِلَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن صِفةِ شَرابِه، فَقالَ: «أَشدُّ بَياضًا منَ اللَّبنِ» لصَفائهِ وجَمالِ مائهِ، وأَحلى مَذاقًا منَ العَسلِ، «يَغُتُّ فيه مِيزابانِ» والميزابُ: ما يُركَّبُ في السَّقفِ ويُمَدُّ منهُ؛ ليَسيلَ منهُ الماءُ، وهَذانِ المِيزابانِ يَدْفعانِ الماءَ في الحوضِ دَفْعًا مُتتابعًا شَديدًا، فيَزيدانِه ويُكثِرانِه، ويَأتي هَذانِ المِيزابانِ «منَ الجنَّةِ»، ومِن أَنهارِها، أحدُ هَذينِ المِيزابينِ مِن ذهَبٍ، والآخَرُ مِن وَرِقٍ، أي: مِن فِضَّةٍ.
وفي الحديثِ: ثُبوتُ الحَوضِ.
وفيه: وَصفُ الحوضِ.
وفيه: إِخبارُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عنِ الغيبيَّاتِ.