باب في حوض النبي - صلى الله عليه وسلم - وعظمه وورود أمته 5

بطاقات دعوية

باب في حوض النبي - صلى الله عليه وسلم - وعظمه وورود أمته 5

عن أبي ذر - رضي الله عنه - قال قلت يا رسول الله ما آنية الحوض قال والذي نفس محمد بيده لآنيته أكثر من عدد نجوم السماء وكواكبها ألا في الليلة المظلمة المصحية من شرب منها لم يظمأ آخر ما عليه يشخب فيه ميزابان من الجنة من شرب منه (2) لم يظمأ عرضه مثل طوله ما بين عمان إلى أيلة وماؤه أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل. (م 7/ 69

الحوْضُ مَجمَعُ ماءٍ عَظيمٌ يَرِدُهُ المؤمِنون في عَرَصاتِ القِيامةِ، وهو مِن فضْلِ اللهِ الَّذي أعطاهُ لنَبيِّه محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ زِيادةً في إكرامِهِ ولُطفِه به وبأُمَّتِه، وسيَشرَبُ منه المؤمِنون الموحِّدون باللهِ عزَّ وجلَّ.
وفي هذا الحديثِ يَرْوي أَبو ذرٍّ الغِفاريُّ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه سَألَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «ما آنيَةُ الحَوضِ؟» وآنيَةٌ: جَمعُ إناءٍ، والمراد به: الوعاء الَّذي سيَشرَبون فيه الماءَ مِن الحوضِ، فأَجابَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «والَّذي نَفسُ مُحمَّدٍ بيدِه» وهذا قسَمٌ كثيرًا ما كان صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُقسِمُ به؛ لأنَّ اللهَ هو الَّذي بيَدِه قَبضُ الرُّوحِ أو إبقاؤُها، فأقسَمَ على أنَّ عدَدَ آنيتِه أَكثَرُ مِن عَددِ نُجومِ السَّماءِ وَكَواكبِها.
وقولُه: «ألَا في اللَّيلةِ المُظلِمةِ»، أي: اللَّيلةِ الَّتي لا يَظهَرُ فيها القَمَرُ، «المُصحِيَةِ»، وهي الصَّافيةُ الَّتي ليسَ فيها سَحابٌ، وخَصَّ اللَّيلةَ المُظلِمةَ المُصْحيةَ لأنَّ النُّجومَ تُرى فيها أكثَرَ، وهذا تَأكيدٌ على كَثرتِها.
وأخبَرَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ آنيةَ الجنَّةِ مَن شَرِبَ منها «لم يَظمَأْ» وهو شِدَّةُ العطَشِ، «آخِرَ ما عليهِ»، والمعنى أنَّه لا يُعاودُه ظَمأٌ بعْدَ شُربِه بها، وهذا الحوضُ «يَشخَبُ» أي: يَتدَفَّقُ ويَسيلُ فيهِ ويُغذِّيهِ مِيزابانِ منَ الجنَّةِ، والميزابُ: هو ما يَسيلُ منه الماءُ مِن مَوضِعٍ عالٍ، ومَن شَرِبَ مِن ماءِ الحَوضِ لم يَظمأْ بعْدَ ذلك أبدًا، وهذا الحَوضُ عَرضُه مِثلُ طولِه، ما بَينَ عَمَّانَ، وهيَ عاصِمةُ الأُردُنِّ اليومَ إِلى «أَيلةَ» وهِي مَدينةٌ بطَرَفِ الشَّامِ، ويُقالُ لها اليومَ: العَقبةُ، في الأردنِّ على ساحلِ خَليجِ العَقَبةِ، وهذا مِن تَقريبِ سَعةِ الحَوضِ يوْمَ القيامةِ، وهذا الحوضُ ماؤُه أشدُّ بَياضًا منَ اللَّبنِ، وأَحلى طَعمًا منَ العَسلِ، وقدْ ذَكَر النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أوصافًا مُتعدِّدةً لحَوضِه؛ تَرغيبًا للأُمَّةِ في بَذلِ الأسبابِ الموجِبةِ لوُرودِه والشُّربِ منه.
وفي الحديثِ: ثُبوتُ الحوضِ.
وفيه: وَصفُ الحَوضِ.