باب في حوض النبي - صلى الله عليه وسلم - وعظمه وورود أمته 4
بطاقات دعوية
عن جابر بن سمرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ألا إني فرط لكم على الحوض وإن بعد ما بين طرفيه كما بين صنعاء وأيلة (1) كأن الأباريق فيه النجوم. (م 7/ 71
الكَوثرُ والحوضُ مِن فَضلِ اللهِ الَّذي أعطاهُ لنَبيِّه محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يوْمَ القيامةِ؛ زِيادةً في إكرامِهِ ولُطفِه به وبأُمَّتِه، وسيَشرَبُ منه المُؤمِنون الموحِّدون باللهِ عزَّ وجَلَّ، المتَّبِعون لهَدْيِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يوْمَ القيامةِ.
وفي هذا الحديثِ يُبيِّنُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لأَصحابِه بَعضًا مِن صِفاتِ حَوْضِه الشَّريفِ، فَيقولُ: «أَلا إِنِّي فَرَطٌ لَكم عَلى الحَوضِ» أي: أنا سابِقُكم وأَوَّلُ واردٍ مِنكم عَلى الحوضِ يَومَ القيامَةِ، كالمُهَيِّئِ له؛ لاستِقبالِ المُؤمِنينَ عليه، وهو مِمَّا اختَصَّ به اللهُ عزَّ وجلَّ نَبيَّه الكَريمَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَومَ القيامةِ، وَ"الحَوضُ" هوَ مُجتمَعُ الماءِ يُوضَعُ في أرضِ المحْشَرِ يوْمَ القيامةِ؛ فهو صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على حَوضِه، ويَأْتِيه المُؤمِنونَ يَشرَبونَ منه، ومَن شَرِبَ منه لا يَظمَأُ بَعدَ ذلك أبَدًا، ثمَّ أوضَحَ سَعةَ هذا الحوْضِ فقال: «وإنَّ بُعْدَ ما بَينَ طَرفَيْه» أي: ناحِيَتَيْه كما بَينَ صَنعاءَ منَ اليَمنِ وأَيلَةَ، وهِي مَدينةٌ بطَرَفِ الشَّامِ، ويُقالُ لها اليومَ: العَقبةُ، في الأُردنِّ على ساحلِ خَليجِ العَقَبةِ، وهذا تَقريبٌ لسَعةِ الحوْضِ يوْمَ القيامةِ.
كأنَّ "الأَباريقَ" جَمعُ إِبريقٍ، ومَعناه: إِناءٌ يُصبُّ منهُ الماءُ، والمُرادُ بهِ هُنا: الكِيزانُ والأَكوابُ وما يُعَدُّ مِن أدواتِ الشُّربِ، فعَددُها كَثيرٌ مِثلُ نُجومِ السَّماءِ، والظَّاهرُ أنَّ هذا العدَدَ للأباريق وللآنيةِ على ظاهِرِه، وأنَّها مِثلُ نُجومِ السَّماءِ.
في الحديثِ: ثُبوتُ الحوضِ.
وفيه: وَصفُ الحوضِ وكَثرةُ عَددِ آنيتِه.
وفيه: إِخبارُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عنِ الغَيبيَّاتِ، وهو مِن عَلاماتِ النُّبوَّةِ.
وفيه: بَيانُ مَكانةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وكَرامتِه على اللهِ سُبحانَه.