باب في النهي عن كسر عظام الميت
سنن ابن ماجه
حدثنا هشام بن عمار، حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي، حدثنا سعد بن سعيد، عن عمرة
عن عائشة، قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كسر عظم الميت ككسره حيا" (1).
كرَّم اللهُ سُبحانَه المسلمَ، وقد فَصَّل الشَّرعُ الإسلاميُّ أوجُهَ هذا التَّكريمِ، ومِن ذلك أنَّه جَرَّم الاعتداءَ على جَسَدِه حيًّا أو مَيِّتًا، مع بعضِ الفَوارِقِ بينَ الحيِّ والميِّتِ في الأحكامِ. ...
وفي هذا الحديثِ تقولُ عائشةُ رَضِي اللهُ عنها: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "كَسْرُ عَظْمِ الميِّتِ ككَسْرِه حيًّا"، أي: كَسرُ عَظمِ الميِّتِ والحيِّ في الإثمِ سواءٌ، وكذلك جَرْحُه وضَربُه وإيلامُه ونحوُهما، ويَحتَمِلُ أنَّه يَأثَمُ الفاعِلُ وإنْ لم يتَألَّمِ الميِّتُ؛ إذِ التَّشبيهُ إنَّما وقَع في الإثمِ، فلَعلَّه لإهانتِه والغَفْلةِ عن الاتِّعاظِ بحالِه؛ وذلك أنَّ الإنسانَ له حُرمةٌ حيًّا وميتًا، وقد قال اللهُ تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} [الإسراء: 70] وجسَدُ الآدميِّ ولَحمُه وعظمُه تبَعٌ له في ذلك. وفي رِوايةِ الإمامِ أحمدَ عن عائِشةَ رَضِيَ اللَّهُ عنها: "أنَّ كَسْرَ عظْمِ المؤمنِ ميِّتًا مِثلُ كَسْرِه حَيًّا"؛ فبيَّنَ أنَّ الحرمةَ المقصودةَ هنا هي للميِّتِ المؤمنِ. ...
وفي الحديثِ: بيانُ حُرمةِ جسَدِ الإنسانِ، وحُرمةُ إيذائِه حيًّا وميتًا .