‌‌باب في ترك الوضوء مما مست النار

‌‌باب في ترك الوضوء مما مست النار

عن جابر قال: «خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا معه، فدخل على امرأة من الأنصار، فذبحت له شاة، فأكل، وأتته بقناع من رطب فأكل منه، ثم توضأ للظهر وصلى، ثم انصرف، فأتته بعلالة من علالة الشاة، فأكل، ثم صلى العصر ولم يتوضأ»، وفي الباب عن أبي بكر الصديق، ولا يصح حديث أبي بكر في هذا من قبل إسناده، إنما رواه حسام بن مصك، عن ابن سيرين، عن ابن عباس، عن أبي بكر الصديق، عن النبي صلى الله عليه وسلم، والصحيح إنما هو: عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، هكذا روى الحفاظ، وروي من غير وجه عن ابن سيرين، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، ورواه عطاء بن يسار، وعكرمة، ومحمد بن عمرو بن عطاء، وعلي بن عبد الله بن عباس، وغير واحد، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يذكروا فيه عن أبي بكر وهذا أصح، وفي الباب عن ابن عباس، وأبي هريرة، وابن مسعود، وأبي رافع، وأم الحكم، وعمرو بن أمية، وأم عامر، وسويد بن النعمان، وأم سلمة، والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، والتابعين، ومن بعدهم، مثل سفيان، وابن المبارك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق: رأوا ترك الوضوء مما مست النار وهذا آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكأن هذا الحديث ناسخ للحديث الأول حديث الوضوء مما مست النار

كان الصَّحابةُ رَضِي اللهُ عَنهم كثِيرًا ما يُضِيفون النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم ويُكرِمون ضِيافَتَه، فيُقدِّمون له أغلَى ما عندهم.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ جابِرٌ رَضِي اللهُ عَنه: "خرَج رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم وأنا معَه"، أي: وأنا في صُحْبتِه، "فدخَل"، أي: النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم "على امرأَةٍ مِن الأنْصارِ"، فأرادَتْ أنْ تُكرِمَ ضِيافَتَه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، فذبَحَتْ له شاةً، فأكَلَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، "وأتَتْه بقِناعٍ"، أي: بطبَقٍ "مِن رُطَبٍ"؛ وهو البَلَحُ قبْلَ أنْ يصِيرَ تمْرًا، "فأكَلَ منه"، أي: النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، ثمَّ لَمَّا حانَ وقْتُ صلاةِ الظُّهرِ "توضَّأَ" النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم "وصلَّى، ثمَّ انصَرَف"، أي: مِن صلاتِه، "فأتَتْه" المرْأةُ، "بعُلالَةٍ مِن عُلالَةِ الشَّاةِ"، أي: بقيَّةٍ وفَضْلةٍ مِن الشَّاةِ، فأكَل منها النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، "ثمَّ صلَّى العصْرَ"، أي: فحَضَرَتْ صلاةُ العصْرِ فصلَّاها النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، "ولَم يتوَضَّأْ"، أي: لَم يتوَضَّأْ وُضوءًا جدِيدًا لصَلاةِ العصْرِ، بل صلَّى بوُضوئِه السَّابقِ، وهذا آخِرُ الأمْرَين مِن فعْلِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أنَّه لَم يتوَضَّأْ بعْد أكْلِ طعامٍ أُنضِجَ بالنَّارِ، فنسَخَ الأمْرَ بالوُضوءِ بعدَه.