‌‌باب الوضوء من لحوم الإبل

‌‌باب الوضوء من لحوم الإبل

عن البراء بن عازب، قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوضوء من لحوم الإبل؟ فقال: «توضئوا منها»، وسئل عن الوضوء من لحوم الغنم؟ فقال: «لا تتوضئوا منها»، وفي الباب عن جابر بن سمرة، وأسيد بن حضير،: وقد روى الحجاج بن أرطاة هذا الحديث، عن عبد الله بن عبد الله، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أسيد بن حضير، والصحيح حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن البراء بن عازب، وهو قول أحمد، وإسحاق، وروى عبيدة الضبي، عن عبد الله بن عبد الله الرازي، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن ذي الغرة، وروى حماد بن سلمة هذا الحديث، عن الحجاج بن أرطاة، فأخطأ فيه، وقال فيه: عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه، عن أسيد بن حضير، والصحيح عن عبد الله بن عبد الله الرازي، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن البراء، قال إسحاق: أصح ما في هذا الباب حديثان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث البراء، وحديث جابر بن سمرة

الطَّهارةُ والصَّلاةُ شِعارُ المؤمِنِ، والإسلامُ دينٌ يَحُثُّ على أداءِ العِباداتِ في المكانِ والزَّمانِ المُناسِبِ، وكانَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُعلِّمُ أصحابَه ما يَتعلَّقُ بذلك، وما يُباحُ فِعلُه، وما لا يُباحُ.
وفي هذا الحديثِ يَروي جابرُ بنُ سَمُرةَ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ رَجُلًا سَألَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عنِ الوُضوءِ من لُحومِ الغَنَمِ وعنِ الصَّلاةِ في مَرابِضِها، فأجابَ بأنَّ الأكلَ من لُحومَ الغَنَمِ لا يُوجِبُ الوُضوءَ؛ فإن شاءَ أن يَتوضَّأ تَوضَّأ، وإن لم يَشَأْ فلا، وأجابَ بأنَّ الصَّلاةَ في مَرابِضِها جائزةٌ، وعندَ أبي داودَ: «وسُئلَ عنِ الصَّلاةِ في مَرابِضِ الغَنَمِ، فقالَ: صَلُّوا فيها فإنَّها بَرَكةٌ» من حيثُ هُدوؤها ولينُ جانِبِها، وقِلَّةُ حرَكتِها. وسألَه الرَّجلُ عنِ الوُضوءِ من لُحومِ الإبلِ والصَّلاةِ في مَبَارِكِها، فأجابَ بأنَّ أكْلَ لَحمِ الإبلِ يُوجِبُ الوُضوءَ، ونَهى عنِ الصَّلاةِ في مَرابِضِها. ومَرَابِضُ الغَنَمِ ومَبَارِكُ الإبِلِ هي الأماكنُ الَّتي يَبيتُ فيها كلٌّ منهما.
وسَببُ النَّهيِ عن الصَّلاةِ في مَباركِ الإبل؛ قيل: لأنَّ الإبلَ لشِدَّة نَفارِها لا يُؤمَنُ نُفورُها، وقد يَلحَقُ المُصلِّي ضَررٌ أو أذًى، أو تَقطَعُ الصَّلاةَ عليه بشِدَّةِ نِفارِها؛ فلا يكونُ له حُضورُ قلبٍ، وقد يَتعلَّقُ قلبُه لذلك مَخافةَ أن تَطأَه وتُهلِكَه. وقيل: لأنَّ مَبارِكَ الإبلِ مَواضِعُ أقذارٍ ورَوائحَ كَريهةٍ وشَديدةِ النَّتنِ، فنُهي عنِ الصَّلاةِ فيها. وقيل غَيرُ ذلك، وعندَ أبي داودَ أنَّه قالَ: «لا تُصَلُّوا في مَبارِكِ الإبلِ؛ فإنَّها منَ الشَّياطينِ» الَّتي تَشغَلُ المُصلِّيَ بالوَسوسةِ، والذي يَنبغي هو الوقوفُ على مُقتَضَى النَّهيِ عنِ الصَّلاةِ في مَباركِ الإبلِ، سواءٌ عُلِمت العِلَّةُ من ذلك النَّهيِ أم لا.