باب في فضائل أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم 1
بطاقات دعوية
عن عائشة - رضي الله عنها - قالت خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غداة وعليه مرط مرحل من (4) شعر أسود فجاء الحسن بن علي فأدخله ثم جاء الحسين فدخل معه ثم جاءت فاطمة - رضي الله عنهم - فأدخلها ثم جاء علي - رضي الله عنه - فأدخله ثم قال (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) (5). (م 7/ 130
لآلِ بَيتِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَضائلُ كثيرةٌ، وقدْ أذهَبَ اللهُ عنهم الرِّجسَ وطَهَّرَهم تَطهيرًا، وقدْ كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُحِبُّهم ويَهتَمُّ بهم ويَعطِفُ عليهم.
وفي هذا الحديثِ تَرْوي عائشَةُ رَضيَ اللهُ عنها أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خَرجَ مرَّةً ذاتَ غَداةٍ، أي: صَباحًا، وعَليهِ «مِرطٌ مُرحَّلٌ» وَهو ثَوبٌ مِن ثِيابِ اليَمنِ، ويَكونُ مِن خَزٍّ وصُوفٍ فيه أعلامٌ وخُطوطٌ، وهو كِساءٌ يُؤتَزَرُ به، والمُرحَّلُ: هو المنقوشُ عليه صُورُ رِحالِ الإبِلِ، ووقَعَ لبَعضِ رُواةِ صَحيحِ مُسْلمٍ: «مُرَجَّلٌ» بالجيمِ، أي: المنقوشُ عليه صُوَرُ المراجِلِ، وهي القُدورُ. وقولُه: «مِن شَعرٍ أسوَدَ» وتَقييدُه بالأسودِ؛ لأنَّ الشَّعرَ قدْ يكونُ أبيَضَ، وهذا يدُلُّ على أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لا رَغبةَ له بفاخرِ الثِّيابِ في الدُّنيا، ويَكْتفي بما يَحصُلُ المقصودُ مِن سَترِ الجسَدِ.
فجاءَ الحسنُ بنُ عَليٍّ رَضيَ اللهُ عنهما فأَدخَلَه تَحْتَ ثِيابِه، ثُمَّ جاءَ الحُسَينُ فدخَلَ مَعه، ثُمَّ جاءَت فاطِمَةُ ابنةُ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فأَدخَلَها فيهِ مع ولَدَيْها، ثُمَّ جاءَ عَليٌّ رَضيَ اللهُ عنه فأَدخَلَه مع وَلَدَيْه وزَوجتِه، فكانوا تحْتَ رِداءِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ثُمَّ قَرأَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَولَ اللهِ تَعالَى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33]، «والرِّجْسُ» هو اسمٌ لكلِّ مُستقذَرٍ مِن العملِ، وقيل: هو الشَّكُّ، وقيل: العذابُ، وقيل: الإثمُ، والمعنى: إنَّ اللهَ يُريدُ أنْ يُذهِبَ عن أهلِ بَيتِ مُحمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَساوِئَ الأخلاقِ والأعمالِ بما يَأمُرُهم ويَنْهاهم، ويُحِبُّ أنْ يُطَهِّرَهم تَطهيرًا مِن دَنَسِ السَّيِّئاتِ.
وهذا لا يَدُلُّ على أنَّ غيْرَهم مِن أزواجِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ليْسوا داخِلين في أهلِ البيتِ، وإنَّما خصَّهم النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالدُّعاءِ لتَكْريمِهم؛ حتَّى لا يُتَوهَّمَ أنَّهم ليْسوا مِن أهلِ البيتِ؛ لأنَّهم يَسكُنون في غيْرِ بَيتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وأمَّا المقصودُ بآلِ البَيتِ عمومًا؛ فقيل: هُم أزواجُه وعلِيٌّ وفاطمةُ وأولادُهما، وقيل: يَدخُلُ معهم كلُّ مَن حَرُمتْ عليه الصَّدقةُ مِن قَراباتِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وهُم آلُ العبَّاس، وآلُ عَقيلِ بنِ أبي طالِبٍ، وقيل غيرُ ذلك.
وفي الحديثِ: فَضلُ فاطمَةَ وعليٍّ والحَسنِ والحُسينِ رَضيَ اللهُ عنهم.