باب في قوله تعالى هذان خصمان اختصموا في ربهم
بطاقات دعوية
حديث أبي ذر عن قيس، قال: سمعت أبا ذر يقسم قسما، إن هذه الآية (هذان خصمان اختصموا في ربهم) نزلت في الذين برزوا يوم بدر: حمزة، وعلي، وعبيدة بن الحارث، وعتبة وشيبة ابني ربيعة، والوليد بن عتبة
كانت غزوة بدر هي الفرقان التي فرق الله بها بين الحق والباطل، وكانت أول غزوة قاتل فيها المسلمون المشركين، وكان أول من برز إلى قتالهم علي ومعه حمزة بن عبد المطلب وعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب رضي الله عنهم، والسبب في خروج هؤلاء أن عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة، تقدموا للمبارزة، وقالوا: من يبارز؟ فخرج إليهم فتية من الأنصار، فقال عتبة: لا نريد هؤلاء، ولكن يبارزنا من بني عمنا من بني عبد المطلب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قم يا علي، وقم يا حمزة، وقم يا عبيدة»، كما في رواية أبي داود، فنصر الله المؤمنين، فقتل الكفار الثلاثة، وسلم علي وحمزة رضي الله عنهما، وجرح عبيدة رضي الله عنه فمات؛ ولذلك قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه في هذا الحديث: «أنا أول من يجثو»، أي: يجلس على ركبتيه بين يدي الله للخصومة، أي: للفصل بينه وبين خصومه، يقصد هؤلاء الكفار.
وقال قيس بن عباد: وفيهم نزل قوله تعالى: {هذان خصمان اختصموا في ربهم} [الحج: 19]، أي: علي وحمزة وعبيدة رضي الله عنهم، ومن خرج لقتالهم ومبارزتهم من المشركين
وهذا القول من علي لا بد أن يحمل على السماع من النبي صلى الله عليه وسلم؛ إذ لا مجال للرأي في أمثاله، والمراد الخصومة على القتل في سبيل الله؛ لأن وقعة بدر هي أول جهاد في الإسلام، ولعل عليا كان أول من بارز يومئذ، وأما الخصومة في الدين فقد كانت من قبل ذلك بسنين، مثل ما عذب بلال وعمار، ومثل ما فتن أبو بكر والسابقون إلى الإسلام. وأما قوله تعالى: {هذان خصمان اختصموا في ربهم} [الحج: 19]، وإن كان له سبب نزول ويفسر عليه، إلا أن حكم الآية عام، يشمل جميع الكفار من أي أصناف الكفر كانوا، وجميع المؤمنين
وفي الحديث: فضل على بن أبى طالب، وحمزة بن عبد المطلب، وعبيدة بن الحارث رضي الله عنهم