باب فيمن قال الخمس قبل النفل

باب فيمن قال الخمس قبل النفل

 حدثنا عبد الله بن أحمد بن بشير بن ذكوان ومحمود بن خالد الدمشقيان - المعنى - قالا حدثنا مروان بن محمد قال حدثنا يحيى بن حمزة قال سمعت أبا وهب يقول سمعت مكحولا يقول كنت عبدا بمصر لامرأة من بنى هذيل فأعتقتنى فما خرجت من مصر وبها علم إلا حويت عليه فيما أرى ثم أتيت الحجاز فما خرجت منها وبها علم إلا حويت عليه فيما أرى ثم أتيت العراق فما خرجت منها وبها علم إلا حويت عليه فيما أرى ثم أتيت الشام فغربلتها كل ذلك أسأل عن النفل فلم أجد أحدا يخبرنى فيه بشىء حتى أتيت شيخا يقال له زياد بن جارية التميمى فقلت له هل سمعت فى النفل شيئا قال نعم سمعت حبيب بن مسلمة الفهرى يقول شهدت النبى -صلى الله عليه وسلم- نفل الربع فى البدأة والثلث فى الرجعة.

لَمَّا كان الجِهادُ مِن أعظَمِ أعمالِ الدِّينِ، وذِروةَ سَنامِ الإسلامِ، جعَل اللهُ سبحانه وتعالى فيه أعظمَ الأجرِ وأجزلَ العطاءِ في الدُّنيا والآخِرَةِ؛ ففي الدُّنيا الغَنيمةُ والنَّصرُ أو الشَّهادةُ، وفي الآخرةِ الجنةُ ونعيمُها
وفي هذا الحديثِ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان "يُنفِّلُ الرُّبعَ"، مِن النَّفَلِ، والنَّفَلُ هو الزِّيادة، والرُّبعُ، أي: رُبعُ الغنيمةِ الَّتي يَغْنَمونها بعدَ الانتصارِ في المعاركِ، والمقصودُ: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يَزيدُ بعضَ الجيشِ زيادةً بمِقْدارِ الرُّبعِ مِنَ الغَنيمةِ، "بعدَ الخُمُسِ أي: بعدَما يُقسِّمُ الغنيمةَ خمسةَ أجزاءٍ، "والثُّلُثَ أي: ويُعطي ثُلُثَ الغَنيمةِ أيضًا، ويَخُصُّ بها بعضَ الجيشِ، "بعدَ الخُمُسِ"، أي: بعدَما يُقسِّمُ الغنيمةَ خمسةَ أجزاءٍ، "إذا قفَلَ أي: إذا رجَعَ مِنَ الغَزْوِ، والمقصودُ: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يَخُصُّ بعضَ الجيشِ بزيادةٍ بمقدارِ الرُّبُعِ في حالِ الغَزْوِ، وبمقدارِ الثُّلُث بعدَ رجوعِه مِن الغَزْوِ؛ وذلك مِن أجلِ مَخاطرَ قد قابَلَتْهم، أو مِن أجلِ بُطولاتٍ قاموا بها، وهكذا.
وفي الحديثِ: الحثُّ على تقديرِ وتمييزِ المُتْقِنين.