باب قوله: {الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم أولئك شر مكانا وأضل سبيلا}
بطاقات دعوية
عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رجلا قال: يا نبى الله! [كيف 7/ 194] يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة؟ قال: "أليس الذى أمشاه على الرجلين فى الدنيا قادرا على أن يمشيه على وجهه يوم القيامة؟ ". قال: قتادة بلى وعزة ربنا.
اللهُ سُبحانَه وتعالَى قادِرٌ على كُلِّ شَيءٍ؛ فإنَّما أمرُهُ أنْ يَقولَ لِلشَّيءِ: كُنْ، فيَكونُ، وقَدْ جَعلَ سُبحانَه وتعالَى في الدُّنيا سُننًا ثابتَةً، فجَعَلَ الكَونَ يَسيرُ عليها في تِلكَ المَرحلَةِ، مِثلَ طُلوعِ الشَّمسِ مِنَ المَشرِقِ، وغَيرِ ذَلكَ، وَفي الآخِرَةِ أحكامٌ أُخرى؛ فقُدرةُ اللهِ أوسَعُ مِن أنْ يُحيطَها عَقلُ البَشرِ.
وفي هذا الحَديثِ يروي أنسُ بنُ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ رَجلًا سأل النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مُتعجِّبًا فقالَ: «يا نَبيَّ اللهِ» كيف «يُحشَرُ الكافِرُ على وَجهِهِ يَومَ القيامَةِ؟!» فَاستَغرَب مِن ذَلكَ؛ لِقياسِهِ على ما يَعلَمَ في الدُّنيا، فَقالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «أليسَ الَّذي أمشاهُ على الرِّجلَينِ في الدُّنيا قادرًا على أنْ يُمشيَه على وَجهِه يومَ القيامَةِ؟»، يَعني أنَّ ذلكَ مِن قُدرتِه؛ فاللهُ هوَ الَّذي جَعَلَ قَدمَيْه تَمشي في الدُّنيا، وهوَ قادرٌ على أنْ يُمشيَه على وَجهِه؛ فَكُلُّ شَيءٍ بأمرِه سُبحانَه وتَعالى.
قيل: الحِكمةُ في حَشرِ الكافِرِ على وَجْهِه أنَّه يعاقَبُ على عَدَمِ سُجودِه لله تعالى في الدُّنيا، فيُسحَبُ على وَجهِه في القيامةِ؛ إظهارًا لهوانِه وخَساستِه بحيث صار وَجْهُه مكانَ يَدَيه ورِجْلَيه في التوقِّي عن المؤذِياتِ.
فَقالَ التَّابعيُّ قَتادةُ بنُ دِعامةَ -وهوَ أحدُ رواةِ الحَديثِ- تَصديقًا لِهذا الخَبرِ: «بَلى وعِزَّةِ رَبِّنا»، أي: إنَّه قادرٌ على هذا.
وفي الحَديثِ: تَفهيمُ النَّاسِ بِقَدْرِ عُقولِهِم بِتَيسيرِ المَعاني وتَمثيلِها بما يَعرِفونه.