باب قوله: وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين

بطاقات دعوية

باب قوله: وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين

 عن حذيفة: {وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة}؛ قال: نزلت في النفقة (10).

في هذا الحديثِ يَروي حُذَيْفَةُ رضِي اللهُ عنه أنَّ قولَه تعالَى: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195]، نزَلَ في النَّفقةِ، أي: في ترْكِ النَّفقةِ في سَبيلِ اللهِ عزَّ وجلَّ، وهذا الَّذي قالَه حُذيفةُ رضِي اللهُ عنه مُجْمَلٌ، جاءَ مُفسَّرًا في حَديثِ أبي أيُّوبَ رضِيَ اللهُ عنه -كما في سُنَنِ أبي داودَ والترمذيِّ وغَيرِهما-، قال: كنَّا بِالقُسْطَنْطينيَّةِ، فخَرجَ صَفٌّ عَظيمٌ مِنَ الرُّومِ، فحمَلَ رجُلٌ مِنَ المسلمينَ على صَفِّ الرُّومِ حتَّى دخَلَ فيهم، ثُمَّ رجَعَ مُقبِلًا، فصاحَ النَّاسُ: سُبحان اللهِ، ألْقَى بيَدِه إلى التَّهْلُكةِ! فقال أبو أيُّوبَ رضِيَ اللهُ عنه: أيُّها النَّاسُ، إنَّكم تُؤوِّلون هذه الآيةَ على هذا التَّأويلِ، وإنَّما نزَلَتْ هذه الآيةُ فينَا -معشرَ الأنصارِ- إنَّا لَمَّا أعزَّ اللهُ دِينَه وكثُرَ ناصرُوه قُلْنا بيْنَنا سرًّا: إنَّ أموالَنا قدْ ضاعَتْ، فلو أنَّا أقمْنا فيها وأصْلَحْنا ما ضاعَ منها، فأَنْزَلَ اللهُ هذه الآيةَ، فكانتِ التَّهلُكةُ الإقامةَ الَّتي أردْناها.
وقولُه سُبحانَه: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ}، أي: في سائرِ وُجوهِ القُرُباتِ، وخاصَّةً الصَّرفَ في قتالِ الكفَّارِ والبذْلَ فيما يَقْوَى به المسلمونَ على عَدوِّهم، {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} بِالكفِّ عَنِ الغَزِو والإنفاقِ فيه؛ فإنَّه يُقوِّي العدوَّ ويُسلِّطُهم على إهلاكِكم، أو المرادُ: الإمساكُ وحبُّ المالِ؛ فإنَّه يؤدِّي إلى الهلاكِ.