باب كم سن النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم قبض 2

بطاقات دعوية

باب كم سن النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم قبض 2

 عن عمار مولى بني هاشم قال سألت ابن عباس كم أتى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم مات فقال ما كنت أحسب مثلك من قومه يخفى عليه ذلك (1) قال قلت إني قد سألت الناس فاختلفوا علي فأحببت أن أعلم قولك فيه قال أتحسب قال قلت نعم قال: أمسك أربعين بعث لها خمس عشرة بمكة يأمن ويخاف وعشر من مهاجره إلى المدينة. وقد تقدم حديث أنس أنه - صلى الله عليه وسلم - توفي وهو ابن ستين سنة. [رقم 1556]. (م 7/ 88 - 89

اهتمَّ النَّاسُ بسِيرةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ اهتمامًا جعَلهُم يَسألُونَ عن كلِّ كَبيرٍ وصَغيرٍ في حَياتِه.
وفي هذا الحديثِ يَرْوي التَّابعيُّ عَمَّارٌ مَولى بَني هاشمٍ أنَّه سَألَ عبدَ اللهِ بنَ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما عن عُمرِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يوْمَ ماتَ، فأَجابَه ابنُ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما: أنَّه لم يكُنْ يَظُنُّ أنَّه يَخفى على مِثلِه ذلكَ، يُنكِرُ عليه عدَمَ مَعرفتِه بعُمرِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو مِن بَني هاشمٍ، فأخْبَرَه عمَّارٌ أنَّه قدْ سَأل النَّاسَ عن عُمرِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، إلَّا أنَّهم اختَلَفوا في تَحديدِه، فأراد عمَّارٌ أنْ يَعرِفَ قوْلَ ابنِ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما فيه، فقال له ابنُ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما: «أتحسُبُ؟» أي: أتعرِفُ الحِسابَ؟ فأَجابَه عمَّارٌ: نَعمْ، قال: «أَمسِكْ أَربعينَ» أي: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَعَث له بالرِّسالةِ وعِنده مِن العُمرِ أربعون سَنةً، وقَضى خَمْسَ عشْرةَ سَنةً بمكَّةَ بعْدَ البَعثةِ، وهَذا مُخالِفٌ لقَولِ الجُمهورِ وقَولِ ابنِ عبَّاسٍ نَفسِه الَّذي في الصَّحيحينِ مِن أنَّه مكَثَ بمكَّةَ ثَلاثَ عَشْرةَ سَنةً، ويُمكِنُ حَملُه عَلى أنَّه عَدَّ بِدايةَ النُّبوَّةِ سَنةً وسَنةَ الهِجرةِ سَنةً، فجَعَلَها خَمسَ عشْرةَ سَنةً، ودَقَّق أحيانًا فجَعَل العهدَ المكِّيَّ ثَلاثَ عَشْرةَ سَنةً؛ إذِ المجموعُ لا يُجاوِزُ هَذا القَدْرَ منَ السَّنواتِ.
وكان صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في مكَّةَ «يَأمَنُ ويَخافُ»، يَعني أنَّه كان في تلكَ المُدَّةِ الَّتي أقامَها في مكَّةَ وبيْن قَومِه، وبعْدَ أنْ أمَرَه اللهُ عزَّ وجلَّ بالبلاغِ؛ أنَّه إذا أخْفى أمْرَه تَرَكوه ولم يَتعرَّضوا له وأمِنَ على نفْسِه، وإذا أعلَنَ أمْرَه وأفشاهُ -بأنْ يَدعُوهم إلى اللهِ تعالَى ويَفتَحَ عليهم ما أُرسِلَ به- تَكالَبوا عليه وهَمُّوا بقَتلِه، فيَخافُ على نفْسِه، إلى أنْ أخبَرَه اللهُ تعالَى بعِصمتِه منهم، فلم يكُنْ يُبالِي بهم.
ثمَّ قَضى صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَشْرَ سِنينَ مِن وَقتِ هِجرتِه إلى المدينةِ، وتُوفِّيَ وهوَ ابنُ ثَلاثٍ وستِّين سَنةً، في سَنةِ إحْدى عشْرةَ مِن هِجرتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى المدينةِ.