باب لباس رسول الله ﷺ2
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أبو أسامة، أخبرني سليمان ابن المغيرة، عن حميد بن هلال، عن أبي بردة، قال:
دخلت على عائشة، فأخرجت لي إزارا غليظا من التي تصنع باليمن، وكساء من هذه الأكسية التي تدعى الملبدة، وأقسمت لي: لقبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيهما (1)
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ زاهدًا في أُمورِ الدُّنيا، مُقبِلًا على أُمورِ الآخرةِ، رَغْمَ ما آتاهُ اللهُ سُبحانه مِن الغنائمِ والأموالِ، ولكنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ضَرَبَ لنا المَثَلَ الأعْلى في التَّقلُّلِ مِن عَرَضِ الدُّنيا.
وفي هذا الحديثِ يَرْوي أبو بُرْدةَ بنُ أبي مُوسى الأشعريُّ أنَّ عائشةَ أمَّ المؤمنينَ رَضيَ اللهُ عنها أخْرَجَت إليهمْ كِساءً مُلبَّدًا، وهو الثَّوبُ المُرقَّعُ، أو الكِساءُ الغليظُ الَّذي يُرَكَّبُ بَعضُه على بَعضٍ، وقيل: هو الذي أصبَحَ وَسَطُه سَميكًا، والظَّاهرُ أنَّه لا يُطلَقُ إلَّا على ما كان مِن الصُّوفِ، وأخبَرَتْهم أيضًا أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يَلبَسُ هذا الثَّوبَ وقْتَ أنْ فاضَتْ رُوحُه إلى خالِقِها، وكان يَلبَسُ مع هذا الكِساءِ إزارًا غَليظًا ممَّا كان يُصنَعُ باليَمَنِ؛ ليَستُرَ به عَورتَه ونِصفَه الأسفَلَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
ولُبْسُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الثَّوبَ المُلبَّدَ يَحتمِلُ أنْ يكونَ للتَّواضُعِ وتَرْكِ التَّنعُّمِ، ويَحتمِلُ أنْ يكونَ عن غَيرِ قصْدٍ منه؛ لأنَّه كان يَلبَسُ ما وَجَدَ.
وفي الحديثِ: حِرصُ الصَّحابةِ على الاحتفاظِ بآثارِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، والاستفادةِ منها في تَعليمِ النَّاسِ.