باب ما تعوذ منه رسول الله ﷺ5

سنن ابن ماجه

باب ما تعوذ منه رسول الله ﷺ5

حدثنا علي بن محمد، حدثنا وكيع، عن أسامة بن زيد، عن محمد بن المنكدر
عن جابر، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "سلوا الله علما نافعا، وتعوذوا بالله من علم لا ينفع" (2).
‌‌_________عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "تعوذوا بالله من الفقر والقلة والذلة، وأن يظلم أو يظلم" (1)

كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يُرشِدُ الأمَّةَ إلى ما فيه الخيرُ والصَّلاحُ والنَّفعُ في الدُّنيا والآخرَةِ.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ جابرُ بنُ عبدِ اللهِ رَضي اللهُ عنهما: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم قال: "سَلُوا اللهَ"، أي: ادْعُوه واطلُبوا منه أنْ يَرزُقَكم، "عِلمًا نافعًا"، والعِلمُ النَّافعُ هو الَّذي يُهذِّبُ الأخلاقَ الباطِنةَ، فيَسْري إلى الأعمالِ الظَّاهرةِ، فيُصلِحُ الظَّاهرَ، والباطِنَ، والعلمُ النَّافعُ هو العِلمُ بالشَّريعةِ الَّذي يُفيدُ المكلَّفَ ما يَجِبُ عليه مِن أمورِ دِينِه في عِباداتِه، ومُعامَلاتِه، وأخلاقِه، وسلوكِه، وأَوْلى العُلومِ النَّافعةِ: العِلمُ باللهِ جلَّ شأْنُه، وأسمائِه وصفاتِه وأفعالِه، وما يجوزُ في حقِّه تعالى وما لا يَجوزُ؛ فهذا هو أعظَمُ العلومِ وأنفعُها، ومن علامَةِ إرادةِ اللهِ الخيرَ لعبدِه التَّوفيقُ لطلَبِ العلمِ وتفقُّهِه، قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "مَن يُرِدِ اللهُ به خيرًا يُفقِّهْه في الدِّينِ" متَّفَقٌ عليه. ومِن العِلمِ النافِعِ كذلِك: العلومُ الدُّنيويَّة التي فيها فائدةٌ ومصلحةٌ للمُسلِمينَ، إذا تَعلَّمها المسلمُ وأخْلَص نيَّتَه للهِ تعالى ونفَع بها المُسلِمينَ؛ انتفع بها في الدُّنيا والآخِرةِ.
ثُمَّ قال صلَّى الله عليه وسلَّم: "وتعَوَّذوا باللهِ مِن علمٍ لا يَنفَعُ"، أي: ادْعُوه واطْلُبوا منه أنْ يَحمِيَكم مِن أنْ يُصيبَكم علمٌ غيرُ نافِعٍ، وهو العلمُ الَّذي لا يُعمَلُ به، ولا يُنتفَعُ به، ولا يُهذِّبُ الأخلاقَ والأقوالَ والأفعالَ، ويكونُ حُجَّةً على صاحبِه، ويَدخُلُ فيه ما لم يُؤذَنْ في تعلُّمِه؛ كالعُلومِ الفاسِدةِ، مثلُ: السِّحرِ وغيرِها.
وفي الحديثِ: الإرشادُ إلى طلَبِ ما يَنفَعُ مِن العِلمِ في الدِّينِ والدُّنيا والآخرةِ، والبُعدِ عن ما لا يَنفَعُ وما يَضُرُّ.