باب الرجل يضع خشبة على جدار جاره 2
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بشر بكر بن خلف، حدثنا أبو عاصم، عن ابن جريج، عن عمرو بن دينار، أن هشام بن يحيى أخبره، أن عكرمة بن سلمة أخبرهأن أخوين من بلمغيرة أعتق أحدهما أن لا يغرز خشبا في جداره، فأقبل مجمع بن يزيد ورجال كثير من الأنصار، فقالوا: نشهد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يمنع أحدكم جاره أن يغرز خشبه في جداره". فقال: يا أخي إنك مقضي لك علي، وقد حلفت، فاجعل أسطوانا دون حائطي أو جداري، فاجعل عليه خشبك (1).
حَرَصَ الشَّرعُ الحَكيمُ على إقامةِ عَلاقاتٍ طَيِّبةٍ بين المُسلمينَ، فيها التَّكافُلُ والتَّرابُطُ والمحبَّةُ والتَّعاونُ.
وفي هذا الحديثِ يُخْبِرُ عِكرمةُ بنُ سَلَمةَ: "أنَّ أخوَينِ مِن بَلْمُغِيرَةِ"، أي: بَني المُغيرةِ، وهذه لُغةٌ، "أعتَقَ أحدُهما ألَّا يَغرِزَ خشبًا في جدارِه"، أي: حلِفَ بالعِتقِ على ألَّا يَضَعَ الآخَرُ خَشبةً في جِدارِ بيتِه، "فأقبَلَ مُجَمِّعُ بنُ يَزيدَ ورجالٌ كثيرٌ مِن الأنصارِ"، أي: لفَضِّ هذا النِّزاعِ، "فقالوا: نشهَدُ أنَّ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: لا يَمنَعْ أحدُكم جارَه أنْ يَغرِزَ خَشبةً في جِدارِه"، أي: إذا احتاج لذلك ولم يضُرَّه، فقال الأخُ الحالِفُ: "يا أخي، إنَّك مَقضِيٌّ لك عليَّ وقد حلَفْتُ، فاجعَلْ أُسطوانًا دونَ حائطي أو جِداري، فاجعَلْ عليه خشبَك"، أي: فاجعَلْ وأقِمْ أُسطوانًا بجُوارِ جِداري، فتضَعْ عليه ما شئْتَ حتَّى لا أقَعَ في الحِنْثِ؛ فأكونَ قد أطعتُ أمْرَ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ولم أحنَثْ في يَمينِي.
وفي الحديثِ: الحثُّ على التَّعاوُنِ بين المُسلمينَ في المنافِعِ بما لا يضُرُّ أحَدَ الطَّرفينِ.
وفيه: الوصيَّةُ بالجارِ.
وفيه: ورَعُ الصحابةِ ووُقوفُهم عند أوامرِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم.