‌‌باب ما جاء أن الإفاضة من جمع قبل طلوع الشمس2

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء أن الإفاضة من جمع قبل طلوع الشمس2

حدثنا محمود بن غيلان قال: حدثنا أبو داود، قال: أنبأنا شعبة، عن أبي إسحاق، قال: سمعت عمرو بن ميمون، يحدث يقول: كنا وقوفا بجمع، فقال عمر بن الخطاب: " إن المشركين كانوا لا يفيضون حتى تطلع الشمس، وكانوا يقولون: أشرق ثبير وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم خالفهم "، فأفاض عمر قبل طلوع الشمس: «هذا حديث حسن صحيح»
‌‌

مُخالفةُ المشرِكينَ مَطْلَبٌ شَرْعيٌّ، وقَدْ كان صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَحرِصُ عليه، وسارَ على نَهْجِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في ذلك أصحابُه رَضيَ اللهُ عنهم أجمعين.
وفي هذا الحديثِ يَروي التابعيُّ عَمرُو بنُ مَيمونٍ، أنَّه شَهِدَ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ رَضيَ اللهُ عنه وهو في الحجِّ قدْ صلَّى الفجْرَ بجَمْعٍ -يعني بالمُزدلِفةِ، والمُزدلِفةُ: اسمٌ للمكانِ الذي يَنزِلُ فيه الحجيجُ بعْدَ الإفاضةِ مِن عَرَفاتٍ، ويَبيتونَ فيه لَيلةَ العاشرِ مِن ذي الحِجَّةِ، وفيه المَشعَرُ الحرامُ، وتَبعُدُ عن عَرَفةَ حوالي (12 كم)، وهي بجِوارِ مَشعَرِ مِنًى، وسُمِّيَت المُزدلِفةُ (جَمْعًا) لأنَّها يُجمَعُ فيها بيْن الصَّلاتينِ المغربِ والعِشاءِ، وقيل: وُصِفَت بفِعلِ أهْلِها؛ لأنَّهم يَجتمِعون بها ويَزدَلِفون إلى اللهِ؛ أي: يَتقرَّبون إليه بالوقوفِ فيها، وقيلَ غيرُ ذلك.
ثمّ بيَّنَ عُمَرُ رَضيَ اللهُ عنه للناسِ أنَّ المشرِكينَ كانوا لا يَدفَعونَ مِن المُزدلِفةِ إلى مِنًى حتَّى تَطلُعَ الشَّمسُ، ويَقولون: أَشْرِقْ ثَبيرُ، وهو اسمٌ لجَبَلٍ بالمزدَلِفَةِ على يَسارِ الذاهبِ إلى مِنًى ويَمينِ الذاهبِ إلى عَرَفاتٍ، والمعْنى: لِتَطْلُعْ عليك الشَّمسُ يا ثَبيرُ حتَّى نُفيضَ مِن مُزدلِفةَ إلى مِنًى، وإنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خالَفَهم في ذلك ولَمْ يَنتظِرْ طُلوعَ الشَّمسِ، وأَفاضَ حِين أسْفَرَ الصُّبحُ وظَهَرَ نُورُ النَّهارِ، ولكنْ قبْلَ أنْ تَطلُعَ الشَّمسُ.
وفي الحديثِ: أنَّ وقْتَ الدَّفعِ مِن مُزدلِفةَ إلى مِنًى يكونُ مع إسفارِ الصُّبحِ.