باب ما جاء أن الماء من الماء
عن ابن عباس، قال: «إنما الماء من الماء في الاحتلام»، سمعت الجارود، يقول: سمعت وكيعا، يقول: «لم نجد هذا الحديث إلا عند شريك». وأبو الجحاف اسمه داود بن أبي عوف. ويروى عن سفيان الثوري قال: «حدثنا أبو الجحاف وكان مرضيا». وفي الباب عن عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، والزبير، وطلحة، وأبي أيوب، وأبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «الماء من الماء
في هذا الحديثِ يقولُ ابنُ عبَّاسٍ رضِيَ اللهُ عَنهُما- وكان مِن فُقهاءِ الصَّحابةِ الَّذين أفنَوْا أعمارَهم في عُلومِ القرْآنِ والسُّنَّةِ، فنبَغَ، وفَقِهَ حتَّى لُقِّبَ بحَبْرِ هذه الأمَّةِ-: "إنَّما الماءُ مِن الماءِ"، أي: حدِيثُ "الماءُ مِن الماءِ"، "في الاحتِلامِ"، أي: ورَد هذا الحدِيثُ في الاحتِلامِ لا في اليقَظَةِ، فإنِ استيقَظَ النَّائمُ فرأَى ماءَ المنيِّ، فعلَيه الغُسْلُ، وإنْ لَم يجِدْ منِيًّا فلا غُسْلَ علَيه، فهنا جمَع ابنُ عبَّاسٍ بين حدِيثَين؛ أوَّلُهما هذا، والثَّاني: "إذا التَقَى الخِتانان وجَب الغُسْلُ"، وهذا هو رأي ابن عباس رضِيَ اللهُ عنهما، ولكنْ قيل: الصوابُ أنَّ حديثَ "الماءُ مِن الماءِ" مَنسُوخٌ؛ فيكونُ المعنى: أنَّ الغُسْلَ مِن الجَنابَةِ يكونُ بأحَدِ الأسبابِ: للنَّائمِ إذا وجَد ماءَ المنيِّ فعلَيه الغُسْلُ، ولليَقظانِ الَّذي جامَع امرأَةً فعلَيه الغُسْلُ بمجرَّدِ الإيلاجِ في الفَرْجِ، سواءٌ أنْزَلَ منِيًّا أَم لَم يُنزِلْ.