باب ما جاء أن الوالد يأخذ من مال ولده
سنن الترمذى
حدثنا أحمد بن منيع قال: حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة قال: حدثنا الأعمش، عن عمارة بن عمير، عن عمته، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أطيب ما أكلتم من كسبكم، وإن أولادكم من كسبكم» وفي الباب عن جابر، وعبد الله بن عمرو: هذا حديث حسن وقد روى بعضهم هذا عن عمارة بن عمير، عن أمه، عن عائشة وأكثرهم قالوا: عن عمته عن عائشة والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم قالوا: إن يد الوالد مبسوطة في مال ولده يأخذ ما شاء، وقال بعضهم: لا يأخذ من ماله إلا عند الحاجة إليه
في هذا الحَديثِ يقولُ الرَّسولُ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "إنَّ أطْيبَ"، أي: أفضلَ وأهنَأَ "ما أكَلْتُم"، أي: ما استفَدْتُم به منَ المالِ في سائرِ أحوالِكُم؛ وعبَّرَ بالأكلِ لأنَّه أغلبُ الحالِ في الاستفادةِ مِن المالِ "مِنْ كسبِكُم"، أي: ما أخَذتُمُوه بسببِ ما عمِلتُم بأيديكم وأنفُسِكُم في الصِّناعةِ أو التِّجارةِ أو الزِّراعة؛ قيلَ: وسببُ ذلك الفَضلِ أنَّ في الكَسْبِ حُسنَ تَوكُّلٍ على اللهِ تعالى.
ثمَّ بيَّن النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ حُكمًا متعلِّقًا بالمال والكسِبِ أيضًا، فقال: "وإنَّ أولادَكم مِن كَسْبِكم"، أي: ما عَمِلوا بأيديهم كأنَّ والدَه عَمِلَه، فإنْ أكَل منه الوالدُ فهو أطيبُ الرِّزقِ أيضًا؛ لأنَّ ولَدَ الرَّجُلِ جزءٌ منه والوالدُ قد طلبَه وسَعَى في تَحصيلِه؛ فحُكمُه حُكمُ نفْسِه، فهو مشاركٌ له وله الأكلُ مِن مالِ ولدِه سواءٌ أذن الولد أو لا، وللوالدِ أنْ يتصرَّفَ بمالِ ولدِه كما يَتصرَّف بمالِه، ما لم يكُن ذلك على وجهِ السَّرفِ والسَّفهِ.
وفي الحديثِ: عِظَمُ حقِّ الوالدِ على أَولادِه.