‌‌باب ما جاء الدال على الخير كفاعله2

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء الدال على الخير كفاعله2

حدثنا نصر بن عبد الرحمن الكوفي قال: حدثنا أحمد بن بشير، عن شبيب بن بشر، عن أنس بن مالك، قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل يستحمله، فلم يجد عنده ما يحمله فدله على آخر فحمله، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال: «إن الدال على الخير كفاعله» وفي الباب عن أبي مسعود البدري، وبريدة: «هذا حديث غريب من هذا الوجه من حديث أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم»

الحضُّ على فِعلِ الخيرِ والتَّحريضُ عليه مِن أسبابِ تَكافُلِ المجتمعِ المسلِمِ وتَكامُلِه.
وفي هذا الحديثِ يَرْوي أبو مَسعودٍ عُقْبةُ بنُ عَمرٍو رَضيَ اللهُ عنه أنَّ رجُلًا جاء إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وقال له: «إنِّي أُبْدِعَ بي» أي: إنَّ دابَّتَه ماتتْ وقدِ انقَطَعَ به السَّبيلُ، فلا يَستطيعُ أنْ يُسافِرَ بدُونِ ما يَركَبُه، «فاحمِلْنِي» أعْطِني ما أركَبُه مِن الدَّوابِّ، ولعلَّ قَصْدَه أنَّه يُريدُ دابَّةً لأجلِ الجهادِ، فاعتَذَرَ له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه ليس عندَه شيءٌ يَحمِلُه عليه، فقال رجلٌ وكان حاضِرًا عندَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «أنا أَدُلُّه على مَن يَحمِلُه» أي: يُعطِيه ما يَركَبُه، فقال له صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «مَن دَلَّ على خَيرٍ فله مِثلُ أَجْرِ فاعِلِه» أي: بمِثلِ أجْرِ فاعلِه؛ لأنَّه تَسبَّبَ في حُصولِه وفِعلِه والإعانَةِ عليه، ويَدخُلُ في هذا الحديثِ كلُّ أعمالِ الخيرِ؛ مِن نُصحٍ بإعطاءِ صَدقةٍ، أو بِناءِ مَسجدٍ، أو مَدرسةٍ، أو رِباطٍ، وغيرِ ذلك مِن الخيراتِ، فمَن نَصَح به أو وَعَظ أحدًا حتَّى يَخافَ اللهَ تَعالَى، ويَرجِعَ مِن المعاصي إلى الصَّلاحِ؛ فله مِثلُ أجْرِ مَن فَعَل خيرًا بقولِه.
وفي الحديثِ: فَضلُ مَنْ دلَّ على خَيرٍ.
وفيه: فَضلُ مَن أعانَ على فِعْلِ الخيرِ، وفَضلُ تَعليمِ الخيرِ خاصَّةً لِمَنْ يَعملُ به.
وفيه: أنَّ الإنسانَ إذا لم يَتمكَّنْ مِن تَحقيقِ رَغبةِ السَّائلِ، فإنَّه يدُلُّه على مَن يُمكِنُه أنْ يُحقِّقَ رَغْبتَه.