باب ما جاء فى التعرى
حدثنا عبد الله بن مسلمة حدثنا أبى ح وحدثنا ابن بشار حدثنا يحيى نحوه عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال قلت يا رسول الله عوراتنا ما نأتى منها وما نذر قال « احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك ». قال قلت يا رسول الله إذا كان القوم بعضهم فى بعض قال « إن استطعت أن لا يرينها أحد فلا يرينها ». قال قلت يا رسول الله إذا كان أحدنا خاليا قال « الله أحق أن يستحيا منه من الناس ».
المسلم مأمور بالحياء على وجه العموم، وبحفظ عورته عن الأعين على وجه الخصوص، وقد بين الشرع ما يجوز أن يظهر للناس من الرجل أو المرأة، وحدد ضوابط ذلك
وفي هذا الحديث يخبر معاوية بن حيدة رضي الله عنه أنه قال: "قلت: يا رسول الله، عوراتنا؛ ما نأتي منها وما نذر؟"، أي: ما يجوز لنا أن نظهره وما لا يجوز، والعورة هي كل ما يستحيا منه إذا ظهر، وهي من الرجل ما بين السرة والركبة، ومن الحرة جميع الجسد، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "احفظ عورتك"، أي: من التكشف، أو من الجماع، والأول هو الأولى، "إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك"، أي: إلا من زوجتك؛ فإنه يحل لها أن تنظر إلى كل جسدك، وكذلك ما تملكه من الإماء، وهذا يدل على أن الملك والنكاح يبيحان النظر إلى السوأتين من الجانبين، والحديث يدل على معنى قوله تعالى: {والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين} [المؤمنون: 5- 6].
قال معاوية: "قلت: يا رسول الله، أرأيت إن كان القوم بعضهم في بعض"، أي: مختلطين ولا يقومون من موضعهم، فلا نقدر على ستر العورة على الوجه الأتم والأكمل في بعض الأحيان؛ لضيق الإزار، أو لانحلاله لبعض الضرورة، فكيف نصنع بستر العورة؟ وكيف نحجب منهم؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: "فإن استطعت ألا تريها أحدا فلا ترينها"، أي: تحرز قدر استطاعتك من كشف عورتك، قال معاوية: "قلت: يا رسول الله، فإن كان أحدنا خاليا"، أي: إذا كان منفردا وليس معه أحد من الناس، كأنه يسأله قائلا: هل له أن يتجرد من ملابسه؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "فالله أحق أن يستحيا منه من الناس"، أي: فاستر عورتك؛ طاعة له وطلبا لما يحبه منك ويرضيه، فلا يقتصر الأمر بستر العورة عن الناس، وليس المراد فاستتر منه؛ إذ لا يمكن الاستتار منه جل ذكره وثناؤه، ويستثنى في كشف العورة: وقت قضاء الحاجة، وعند الغسل على خلاف بين العلماء، وللطبيب عند الحاجة، ونحو ذلك مما يحتاج إليه، ويكون ذلك بقدره لا يزاد عليه
وفي الحديث: الحث على ستر العورة، والتحرز من كشفها أمام غير الأزواج أو ملك اليمين