باب ما جاء فى الخز

باب ما جاء فى الخز

حدثنا عبد الوهاب بن نجدة حدثنا بشر بن بكر عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر حدثنا عطية بن قيس قال سمعت عبد الرحمن بن غنم الأشعرى قال حدثنى أبو عامر أو أبو مالك - والله يمين أخرى ما كذبنى - أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول « ليكونن من أمتى أقوام يستحلون الخز والحرير ». وذكر كلاما قال « يمسخ منهم آخرون قردة وخنازير إلى يوم القيامة ». قال أبو داود وعشرون نفسا من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو أكثر لبسوا الخز منهم أنس والبراء بن عازب.

بين لنا النبي صلى الله عليه وسلم أمور ديننا، وأوضح الحلال والحرام في الأقوال والأفعال، وبين أنه بمرور الزمان واقتراب قيام الساعة، سيخف الدين في قلوب الناس حتى يستحلون بعض ما حرمه الله
وفي هذا الحديث يخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأنه سيكون جماعة من أمته يستحلون بعض المحرمات، والاستحلال هو أن يفعل الحرام بدعوى أنه حلال بالتأويلات الفاسدة، ولهذا قال: «من أمتي»، فجعلهم بعض أمته مع استحلالهم بالتأويل؛ لأنهم لو استحلوها مع اعتقاد أن الله ورسوله حرماها، لكانوا كفارا، وخرجوا عن أمته
وأول هذه المحرمات هو الحر، وهو الفرج، ويقصد الزنا، قال تعالى: {ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا} [الإسراء: 32]، وأيضا يستحلون الحرير، وهو حرام على الذكور دون الإناث، وكذا يستحلون الخمر، وهي كل ما يسكر ويغطي العقل، ويستحلون أيضا المعازف، وهي آلات اللهو والموسيقا
وقيل: مدار استحلال هذه المحرمات وغيرها على تسمية الشيء باسم غيره، كمن تزوج امرأة ليحلها لزوجها؛ فإنهم يسمونه في العقد زوجا، وإنما هو المحلل الملعون، والتيس المستعار، واستحلال الخمر بتسميتها بغير اسمها، فيقولون: مشروبات روحانية، وغير ذلك
ثم أنبأ صلى الله عليه وسلم عن أقوام ينزلون إلى جنب علم، وهو الجبل، يروح عليهم بسارحة لهم، أي: يسير الراعي بغنم لهم، وهي السارحة في المراعي، وفي أثناء ذلك يأتيهم الفقير يسألهم الحاجة، فيردونه ويقولون: ارجع إلينا غدا، وهم يقصدون بذلك رده حتى لا يعطوه شيئا، «فيبيتهم الله»، أي: يأخذهم بالعذاب وهم في وقت البيات؛ وهو الليل، ويضع الجبل، أي: يوقعه، عليهم فيهلكهم
ثم قال: «ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة» أي: إلى مثل صورها حقيقة، كما وقع لبعض الأمم السابقة، ولم يبين في هذا الحديث مكانهم ولا ذنوبهم، وإنما أفاد أن المسخ يكون في آخر الزمان عند نزول الفتن. وقيل: «ويمسخ آخرين» أي: يجعل صور آخرين ممن لم يهلك من البيات المذكور «قردة وخنازير إلى يوم القيامة»، وفي هذا حض للمسلم على اجتناب المعاصي؛ كي لا يقع في العذاب ومسخ الصور
وفي الحديث: علامة من علامات النبوة
وفيه: أن استحلال المعاصي -مثل الزنا والحرير والخمر والمعازف- من أكبر الكبائر