باب ما جاء في استكمال الإيمان وزيادته ونقصانه
سنن الترمذى
حدثنا ابن أبي عمر، وأحمد بن منيع، المعنى واحد، قالا: حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر برجل وهو يعظ أخاه في الحياء فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الحياء من الإيمان» قال أحمد بن منيع، في حديثه: إن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يعظ أخاه في الحياء. «هذا حديث صحيح» وفي الباب عن أبي هريرة
في هذا الحديثِ يقولُ الرَّسولُ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "الحياءُ" وهو خُلُقٌ يَمنَعُ صاحبَه مِن فِعلِ القَبيحِ، والحياءُ غَريزةٌ إنسانيَّةٌ، وجعَلها النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم مِن الإيمانِ؛ لأنَّ المستَحِيَ يَنقطِعُ بحَيائِه عن المعاصِي، فصار كالإيمانِ الَّذي يَقطَعُ بينَه وبينَها، والمرادُ هنا أن يَقومَ العبدُ بالواجباتِ والفَرائضِ، ولا يَفعَلَ المحرَّماتِ "مِن الإيمانِ"، أي: مِن عَلاماتِ الإيمانِ وآثارِه، والحياءُ أيضًا شُعبةٌ مِن شُعَبِ الإيمانِ، "والإيمانُ في الجنَّةِ"، أي: أهلُ الإيمانِ الَّذين اتَّصَفوا به، فحَصَّلوا شُعبَه، وقيل: معناه أنَّ الإيمانَ سَببٌ مُوصِّلٌ إلى الجنَّةِ، "والبَذاءُ"، أي: الفُحشُ في الكلامِ "مِن الجَفاءِ"، أي: الإعراضِ، بخِلافِ البِرِّ وآثارِه مِن صِلةٍ ووفاءٍ، "والجفاءُ في النَّارِ"، أي: أهلُ الجَفاءِ الَّذين اتَّصَفوا بصِفاتِه، وتخَلَّقوا بآثارِه، وقيل: أي: إنَّ الجفاءَ سَببٌ موصِّلٌ إلى النَّارِ.
وفي الحديثِ: الحثُّ على التَّحلِّي بالإيمانِ والحياءِ، والابتعادِ عن الفُحشِ والبَذاءِ وسيِّئِ الأخلاقِ.