باب ما جاء في الاستماع للخطبة والإنصات لها 2

سنن ابن ماجه

باب ما جاء في الاستماع للخطبة والإنصات لها 2

 حدثنا محرز بن سلمة العدني، حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر، عن عطاء بن يسار
عن أبي بن كعب: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ يوم الجمعة {تبارك} وهو قائم، فذكرنا بأيام الله، وأبو الدرداء أو أبو ذر يغمزني، فقال: متى أنزلت هذه السورة؟ إني لم أسمعها إلا الآن؟ فأشار إليه أن اسكت، فلما انصرفوا قال: سألتك متى أنزلت هذه السورة فلم تخبرني، فقال أبي: ليس لك من صلاتك اليوم إلا ما لغوت، فذهب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك له، وأخبره بالذي قال أبي. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "صدق أبي" (1).

يومُ الجُمعةِ يومٌ عظيمُ الفضْلِ، وصلاةُ الجُمُعةِ مِن أعظَمِ الصَّلواتِ، وقد حَضَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على الاستعدادِ لها والتَّبكيرِ إليها، والإنصاتِ وعدَمِ اللَّغوِ أثناءَ الخُطبةِ، وبيَّن ما لها مِن آدابٍ وسُنَنٍ،

وفي هذا الحديثِ بيانٌ لبعضِ آدابِ صلاةِ الجُمُعة، حيثُ يُخبرُ أُبَيُّ بنُ كعْبٍ: "أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قرَأَ يومَ الجُمُعةِ {تَبَارَكَ}، وهو قائمٌ"، أي: قرَأَها وهو يخطُبُ على المِنبَرِ، "فذكَّرَنا بأيَّامِ اللهِ"، أي: فوعَظَنا وذكَّرَنا بالوقائعِ العظيمةِ الواقعةِ في الأيَّامِ، "وأبو الدَّرداءِ أو أبو ذَرٍّ يغمِزُني"، أي: يُشيرُ إليَّ بحركةٍ خفيفةٍ بيَدِهِ؛ لِيلفِتَ انْتباهَي؛ لأسأَلَه عن تلك السُّورةِ الَّتي قرَأَها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وذلك أثناءَ خُطبةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقال أبو ذَرٍّ أو أبو الدَّرداءِ لأُبَيٍّ رضِيَ اللهُ عنهم: "متى أُنْزِلَت هذه السُّورةُ؟ إنَّي لم أسمَعْها إلَّا الآنَ، فأشارَ إليه أنِ اسْكُتْ"، أي: أشار إليه أُبَيُّ بنُ كعْبٍ ليسْكُتَ، ولم ينطِقْ؛ لأنَّه يعلَمُ بنهْيِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن الحديثِ أثناءَ الجُمُعةِ، "فلمَّا انصَرَفوا"، أي: انتَهَتْ صلاةُ الجُمُعةِ، قال أبو ذَرٍّ: "سأَلْتُك: متى أُنْزِلَت هذه السُّورةُ فلم تُخْبِرْني؟ فقال أُبَيٌّ: ليس لك مِن صَلاتِك اليومَ إلَّا ما لَغَوْتَ"، أي: حَظُّك مِن صلاتِك اليومَ أنْ تخرُجَ بلا أجْرٍ؛ لأنَّك لَغَوْتَ وتكلَّمْتَ بسُؤَالِك هذا، "فذهَبَ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فذكَرَ ذلك له"، أي: ما حدَثَ منه أثناءَ الخُطبةِ مع أُبَيٍّ، "وأخبَرَه بالَّذي قال أُبَيٌّ"، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: صدَقَ أُبَيٌّ"؛ وذلك لأنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نهى عنِ اللَّغْوِ والحديثِ أثناءَ الخُطبةِ.
وفي الحديثِ: التَّحذيرُ مِن اللَّغْوِ والكلامِ أثناءَ خُطبةِ الجُمعةِ.