باب ما جاء في الاعتكاف 2
سنن ابن ماجه
حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أبي رافع
عن أبي بن كعب: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان، فسافر عاما، فلما كان من العام المقبل اعتكف عشرين يوما (1).
شَهرُ رمضَانَ شَهرٌ مُعظَّمٌ، وقد حَثَّنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على الإكْثارِ من أعْمالِ الخَيرِ فيه، وكان يَعتَكفُ العَشْرَ الأواخِرَ منه، ويَنقَطِعُ في المسْجِدِ للعِبادةِ والذِّكرِ والصَّلاةِ، والْتِماسِ لَيلةِ القَدْرِ.
وفي هذا الحديثِ يَحكي أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ رضِيَ اللهُ عنه: «أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يَعتَكِفُ العَشْرَ الأَواخِرَ من رَمَضانَ»، والاعْتِكافُ: المقصودُ بِه هنا التَّفرُّغُ لِلعبادةِ والخَلوةِ بِاللهِ لِذلكَ في المَسجدِ مَع اتِّخاذِ مَكانٍ خاصٍّ للمُكوثِ فيه، وقَطعِ كلِّ ما يَشغَلُ عِن طاعةِ اللهِ وعِبادتِه، وعَدمِ الخُروجِ مِنَ المُعْتَكَفِ إلَّا لِضرورةٍ شَرعيةٍ مُباحةٍ، كالخلاءِ والتَّمرُّضِ ونَحوِ ذلك، قال: « فسافَر عامًا» فلم يَعتكِفِ في عامِ سَفرِه هذا، «فلمَّا كان في العامِ المُقبِلِ اعْتَكفَ عِشْرينَ لَيلةً»، أي: فلمَّا جاءَ العامُ المقبِلُ اعتَكَف عِشرينَ لَيلةً تَعويضًا للعَشرِ التي لم يَعتَكفْ فيها في العامِ الذي قَبلَه.
وفي الحديث: بيانُ حِرصِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على الاعْتِكافِ في رَمَضانَ.
وفيه: أنَّ النَّوافِلَ المعْتادةَ تُقضَى إذا فاتَتْ كما تُقضَى الفَرائِضُ( ).