باب ما جاء في الاقتصاد في الحب والبغض
سنن الترمذي
حدثنا أبو كريب قال: حدثنا سويد بن عمرو الكلبي، عن حماد بن سلمة، عن أيوب، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة ـ أراه رفعه ـ قال: «أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما، وأبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما»: هذا حديث غريب لا نعرفه بهذا الإسناد إلا من هذا الوجه، وقد روي هذا الحديث عن أيوب، بإسناد غير هذا رواه الحسن بن أبي جعفر وهو حديث ضعيف أيضا، بإسناد له عن علي، عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحيح عن علي موقوف قوله
وقال الدارقطني: والصحيح عن علي موقوفاً. العلل للدارقطني. وعلى كل حال فالمعنى المشار إليه في الحديث معنى صحيح، وليس فيه ما ينافي الارتقاء في درجات الحب في الله، فالحب في الله من لوازم الإيمان ومن علامات صلاح القلب، ومن أفضل القربات إلى الله، كما أن من سعادة المرء أن يرزقه الله بإخوان يحبهم في الله ويحبونه، لكن المقصود من الحديث النهي عن المبالغة والإفراط الشديد في الحب، وليس المراد أن يكون المرء منقبضاً حذراً من أخيه سيء الظن به، بل الأصل في المسلم سلامة الصدر وإحسان الظن بإخوانه المسلمين وإخلاص المحبة وصفاء الود لهم، لكن اندفاع العواطف حباً وبغضاً إذا جاوز الحد فهو مذموم، ولا شك أن القصد والاعتدال في الأمور مما يوافق الشرع، ومن أسباب طمأنينة النفس وانشراح الصدر