‌‌باب ما جاء في الكبر1

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء في الكبر1

حدثنا أبو هشام الرفاعي قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من كبر، ولا يدخل النار من كان في قلبه مثقال حبة من إيمان» وفي الباب عن أبي هريرة، وابن عباس، وسلمة بن الأكوع، وأبي سعيد: هذا حديث حسن صحيح
‌‌

الإيمانُ سَببٌ للنَّجاةِ مِنَ النَّارِ والفَوزِ بالجنَّةِ، بَينَما الكِبرُ والتَّعاظُمُ على النَّاسِ مِنَ الصِّفاتِ التي تدُلُّ على فَسادِ القلوبِ، وسببٌ لدُخولِ النَّارِ.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه لا يَدخُلُ النَّارَ ولا يَكونُ مُخلَّدًا فيها، أحدٌ في قَلبه مِثقالُ حبَّةِ خَردَلٍ من إيمانٍ، والخَردلُ: نَباتٌ له ثَمرٌ أسودُ صَغيرٌ جدًّا، يُضرَبُ به المَثَلُ في الصِّغَرِ، وهذا من عَظيمِ فَضلِ اللهِ على المؤمنينَ؛ إذ يُنجِّيهم بإيمانِهم وإن كانَ يُحاسِبُهم على أعمالِهم أوَّلًا، ثُمَّ يُدخِلُهمُ الجنَّةَ بفَضلِه ورَحمتِه.
ثُمَّ أخبَرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه لا يَدخُلُ الجنَّةَ أحدٌ في قَلبه مِثقالُ حَبَّةِ خَردلٍ من كِبرياءَ، والكِبرُ: استِعظامُ الذَّاتِ، ورُؤيةُ قَدرِها فَوقَ قَدرِ الآخَرينَ، ولا يَنبَغي هذا إلَّا لله تَعالَى؛ فهو المُستَحِقُّ له، وكُلُّ مَن سِواه عَبيدٌ له سُبحانَه، وحَبَّةُ الخَردلِ مُتناهيةُ الصِّغرِ، وهذا يدُلُّ على أنَّ أقلَّ القليلِ مِنَ الكِبرِ إذا وُجِدَ في القلبِ كانَ سَببًا لعَدمِ دُخولِ الجنَّةِ، وعَدَمُ دُخولِ الجَنَّةِ هنا مَعناه أنَّه لا يَدخُلُها ابتِداءً حتى يُجازَى على هذا الكِبرِ، بَل يَكُونُ من أهلِ الوَعيدِ، المُستحِقِّينَ للعذابِ على الكِبرِ.
وفي الحديثِ: إثباتُ أنَّ الإيمانَ يَزيدُ في القلبِ ويَنقُصُ.
وفيه: النَّهيُ عنِ التَّكبُّرِ.