باب ما جاء في الكبر2
سنن الترمذى
حدثنا محمد بن المثنى، وعبد الله بن عبد الرحمن، قالا: حدثنا يحيى بن حماد قال: حدثنا شعبة، عن أبان بن تغلب، عن فضيل بن عمرو، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر، ولا يدخل النار ـ يعني ـ من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان»، قال: فقال له رجل: إنه يعجبني أن يكون ثوبي حسنا ونعلي حسنة، قال: «إن الله يحب الجمال، ولكن الكبر من بطر الحق وغمص الناس» وقال بعض أهل العلم في تفسير هذا الحديث: «لا يدخل النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان»، إنما معناه لا يخلد في النار
الإيمانُ سَببٌ للنَّجاةِ مِنَ النَّارِ والفَوزِ بالجنَّةِ، بَينَما الكِبرُ والتَّعاظُمُ على النَّاسِ مِنَ الصِّفاتِ التي تدُلُّ على فَسادِ القلوبِ، وسببٌ لدُخولِ النَّارِ.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه لا يَدخُلُ النَّارَ ولا يَكونُ مُخلَّدًا فيها، أحدٌ في قَلبه مِثقالُ حبَّةِ خَردَلٍ من إيمانٍ، والخَردلُ: نَباتٌ له ثَمرٌ أسودُ صَغيرٌ جدًّا، يُضرَبُ به المَثَلُ في الصِّغَرِ، وهذا من عَظيمِ فَضلِ اللهِ على المؤمنينَ؛ إذ يُنجِّيهم بإيمانِهم وإن كانَ يُحاسِبُهم على أعمالِهم أوَّلًا، ثُمَّ يُدخِلُهمُ الجنَّةَ بفَضلِه ورَحمتِه.
ثُمَّ أخبَرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه لا يَدخُلُ الجنَّةَ أحدٌ في قَلبه مِثقالُ حَبَّةِ خَردلٍ من كِبرياءَ، والكِبرُ: استِعظامُ الذَّاتِ، ورُؤيةُ قَدرِها فَوقَ قَدرِ الآخَرينَ، ولا يَنبَغي هذا إلَّا لله تَعالَى؛ فهو المُستَحِقُّ له، وكُلُّ مَن سِواه عَبيدٌ له سُبحانَه، وحَبَّةُ الخَردلِ مُتناهيةُ الصِّغرِ، وهذا يدُلُّ على أنَّ أقلَّ القليلِ مِنَ الكِبرِ إذا وُجِدَ في القلبِ كانَ سَببًا لعَدمِ دُخولِ الجنَّةِ، وعَدَمُ دُخولِ الجَنَّةِ هنا مَعناه أنَّه لا يَدخُلُها ابتِداءً حتى يُجازَى على هذا الكِبرِ، بَل يَكُونُ من أهلِ الوَعيدِ، المُستحِقِّينَ للعذابِ على الكِبرِ.
وفي الحديثِ: إثباتُ أنَّ الإيمانَ يَزيدُ في القلبِ ويَنقُصُ.
وفيه: النَّهيُ عنِ التَّكبُّرِ.