‌‌باب ما جاء في الكبر3

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء في الكبر3

حدثنا علي بن عيسى البغدادي قال: حدثنا شبابة بن سوار قال: حدثنا ابن أبي ذئب، عن القاسم بن عباس، عن نافع بن جبير بن مطعم، عن أبيه قال: يقولون لي: تكونون في التيه وقد ركبت الحمار ولبست الشملة وقد حلبت الشاة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من فعل هذا فليس فيه من الكبر شيء»: هذا حديث حسن غريب
‌‌

الكِبْرُ صِفةٌ مَذمومةٌ، ذمَّها اللهُ سبحانه وتعالى في كِتابِه، وحذَّرَنا مِنها نبيُّنا صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم؛ فعلى المسلِمِ أن يتَّصِفَ بخُلقِ التَّواضُعِ وخَفْضِ الجَناحِ، ويَتْرُكَ العُجْبَ والكِبرَ على عبادِ اللهِ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ جُبيرُ بنُ مُطعِمِ بنِ عَدِيِّ بنِ نَوفَلٍ القُرشيُّ النَّوفَليُّ رَضِي اللهُ عَنه: "تَقولون"، أي: يقولُ النَّاسُ، "فيَّ"، أي: في نَفْسي، "التِّيهُ" بالكَسْرِ، أي: الكِبْرُ، وأنَّني متكبِّرٌ على النَّاسِ، فكيف يقولُ النَّاسُ: إنَّني متَّصِفٌ بالكِبْرِ، "وقد رَكِبتُ الحمارَ"، أي: إنَّني أركَبُ الحِمارَ تَواضُعًا، "ولَبِستُ" تواضعًا "الشَّمْلةَ"، وهي الكِساءُ الَّذي يَلتَفُّ به الإنسانُ ويتَغطَّى به، "وقد حَلَبتُ الشَّاةَ" بيَديَّ تواضُعًا، والحَلْبُ هو استِخْراجُ ما في الضَّرعِ مِن اللَّبَنِ، "وقد قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم" وأنا أسمَعُه: "مَن فعَل هذا"، أي: مَن رَكِب الحِمارَ، ولَبِس الشَّمْلةَ، وحلَبَ الشَّاةَ، "فليس فيه"، أي: لا يوجَدُ فيه، "مِن الكِبْرِ شيءٌ"؛ لأنَّ هذه الأشياءَ لا يأنَفُها ويَبتَعِدُ عنها إلَّا المتكبِّرون.
وفي الحديثِ: فضلُ جُبيرِ بنِ مطعِمٍ رَضِي اللهُ عَنه.
وفيه: أنَّ التَّواضُعَ يَكونُ في النَّفْسِ، وبفِعْلِ بعضِ الأشياءِ وكذا الكِبْرِ.