باب ما جاء في الثوب الأسود
سنن الترمذى
حدثنا أحمد بن منيع قال: حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة قال: أخبرني أبي، عن مصعب بن شيبة، عن صفية بنت شيبة، عن عائشة، قالت: «خرج النبي صلى الله عليه وسلم ذات غداة وعليه مرط من شعر أسود»: «هذا حديث حسن غريب صحيح»
عاشَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حياةَ الزُّهدِ والضَّراعةِ، مع ما أفاءَ اللهُ عليه مِن الغنائمِ والأموالِ والفتوحاتِ.
وفي هذا الحديثِ تَرْوي أمُّ المؤمِنينَ عائشةُ رَضيَ اللهُ عنها أنَّ النَّبِيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خرَجَ ذاتَ غَداةٍ، وهو وَقتُ الصُّبحِ، وعليه «مِرْطٌ» وهو كساءٌ يكونُ مِن خَزٍّ وصُوفٍ فيه عَلَمٌ، يُؤتَزَرُ به لِيُغطِّيَ النِّصفَ الأسفلَ مِن الجسَدِ، وكان هذا الكِساءُ «مُرَحَّلٌ» وهو نَوعٌ مِن بُرودِ اليمَنِ؛ لِمَا عليه مِن النُّقوشِ والخطوطِ مِثلَ تَصاويرِ الرَّحْلِ، وهو ما يُوضَعُ على البعيرِ للرُّكوبِ، وهذا المِرطُ مَنسوجٌ «مِن شَعَرٍ أسودَ»، وهذا يدُلُّ على أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لا رَغبةَ له بفاخِرِ الثِّيابِ في الدُّنيا، ويَكْتفي بما يَحصُلُ المقصودُ مِن سَترِ العورةِ ونحْوِه.
وفي الحديثِ: أنَّ مِن هدْيِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لُبْسَ الصُّوفِ، ولُبْسَ الأسْوَدِ، ولَبْسَ الشَّعَرِ.
وفيه: أنَّه يَنْبغي للأُمَّةِ الإسلاميَّةِ أنْ تَعتبِرَ حالَها ومَعيشتَها بحالِ نَبيِّها صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ فإنَّه الأسوةُ الحَسنةُ، وأنَّ مَن اقتَفَى آثارَه اهْتَدى وأفلَحَ في الدُّنيا والآخرةِ.