‌‌باب ما جاء في الخطبة على المنبر

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء في الخطبة على المنبر

حدثنا أبو حفص عمرو بن علي الفلاس قال: حدثنا عثمان بن عمر، ويحيى بن كثير أبو غسان العنبري، قالا: حدثنا معاذ بن العلاء، عن نافع، عن ابن عمر، «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب إلى جذع، فلما اتخذ النبي صلى الله عليه وسلم المنبر حن الجذع حتى أتاه فالتزمه فسكن» وفي الباب عن أنس، وجابر، وسهل بن سعد، وأبي بن كعب، وابن عباس، وأم سلمة: «حديث ابن عمر حديث حسن غريب صحيح»، «ومعاذ بن العلاء هو بصري، وهو أخو أبي عمرو بن العلاء»
‌‌

في هذا الحَديثِ مُعجِزةٌ مِن مُعْجزاتِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وهي حَنينُ الجِذعِ إليه؛ فيَرْوي جابرُ بنُ عبدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنهما في هذا الحَديثِ أنَّ مَسجِدَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان مَسْقوفًا على جُذوعٍ مِن نَخلٍ، فكانت جُذوعُ النَّخلِ له كالأعْمِدةِ، يَستَنِدُ عليه السَّقفُ، وكان إذا خطَبَ يَقومُ واقفًا مُستنِدًا على جِذْعٍ منها، فلمَّا صُنِعَ له المِنبَرُ، وقام عليه سَمِع الصَّحابةُ رِضوانُ اللهِ عليهم لذلك الجِذعِ الَّذي كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقِفُ عندَه، ويَستنِدُ عليه؛ صَوتًا كصَوتِ العِشارِ، يَعني: النَّاقةَ الَّتي بلَغَتْ في حَمْلِها الشَّهرَ العاشِرَ، وهو صَوتٌ كصَوتِ الحَنينِ والحُزنِ، فجاءَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فوضَعَ يَدَه عليه فسكَتَ الصَّوتُ.
فذلك حالُ الجَماداتِ معَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ فما بالُكَ بمَن يَمتلِكُ صِفةَ الإحْساسِ الفِطريَّةَ! فاللَّهُمَّ ارْزُقْنا حُبَّ نَبيِّكَ وحُسنَ اتِّباعِه، وصُحبَتَه في الآخِرةِ برَحمتِكَ يا أرحَمَ الرَّاحِمينَ.
وفي الحَديثِ: مَشروعيَّةُ اتِّخاذِ المِنبَرِ في المَساجدِ.
وفيه: مَشروعيَّةُ الوُقوفِ في الخُطبةِ على أيِّ شَيءٍ مُرتفِعٍ.