‌‌باب ما جاء في الدعاء إذا أوى إلى فراشه3

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء في الدعاء إذا أوى إلى فراشه3

حدثنا ابن أبي عمر قال: حدثنا سفيان، عن عبد الملك بن عمير، عن ربعي بن حراش، عن حذيفة بن اليمان: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن ينام وضع يده تحت رأسه، ثم قال: «اللهم قني عذابك يوم تجمع - أو تبعث - عبادك»: «هذا حديث حسن صحيح»

كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حَريصًا على لَفتِ الانتباهِ إلى نِعَمِ اللهِ علينا، خُصوصًا تلك الَّتي لا يَشعُرُ بها الكثيرون، ولا يَرَونها نِعمةً بسَببِ تَكرارِها ودَوامِها، كَالنَّومِ والأَكْلِ والشُّربِ والمأوى وغيرِها، وهي في حَقيقةِ الأمرِ نِعَمٌ جَليلةٌ لمَن فَقَدَها.
وفي هذا الحديثِ يَرْوي أنسُ بنُ مالكٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان إذا أَوَى إلى الفِراشِ للنَّومِ عدَّ وذَكَرَ بعضَ نِعَمِ اللهِ، وحَمِدَه عليها، مِثلِ الطَّعامِ والشَّرابِ، فيقولُ: «الحمدُ للهِ الَّذي أَطْعَمنا وسَقانا»، أي: الحمدُ للهِ الَّذي رزَقَنا أنواعَ الطعامِ وأنواعَ الشَّرابِ، بأنْ خلَقَها ويَسَّرَ لنا سُبلَ الحُصولِ عليها، ومَكَّنَنا مِن استِعمالِها والاستِفادةِ منها، «وكَفانا»، يعني: يَسَّر لنا الأُمورَ ودفَعَ عنَّا شَرَّ كلِّ ذِي شَرٍّ، «وآوانا»، فجَعَلَ لنا مَأوًى نَأوي إليه، وسَكنًا نَسكُنُ فيه يَقِينا الحَرَّ والبَردَ، ونَحفَظُ فيه مَتاعَنا، ويَستُرُنا عن النَّاسِ. ثُمَّ قال: «فَكَمْ مِمَّنْ لا كافِيَ له ولا مُؤوِيَ» أي: فكمْ مِن أُناسٍ زادتْ هُمومُهم وكَثُرَت حاجاتُهم، وتَغلَّبَ عليهم أعداؤهُم ولا راحِمَ لهم، ولا عاطِفَ عليهم، وكمْ مِن أُناسٍ ليْس لهم مَأوًى، بلْ يَعِيشون في الطُّرقاتِ ونحْوِها يَتأذَّون بالحَرِّ والبرْدِ.
وفي الحديثِ: أنَّ الإنْسانَ إذا أُنْعِمَ عليه بنِعمَةٍ كان من أَحْسَنِ الأشياءِ له أنْ يَذْكُرَ مَن حُرِمَ تلك النِّعمةَ فيَشكُرَ المُنعِمَ عليها، وهذا أجْدَرُ ألَّا يَزدرِيَ نِعمةَ اللهِ عليه.