باب ما جاء في الدعاء بين الأذان والإقامة
- حدثنا محمد بن كثير، أخبرنا سفيان، عن زيد العمي، عن أبي إياس، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يرد الدعاء بين الأذان والإقامة»
كان النبي صلى الله عليه وسلم يرشد أمته إلى اغتنام الأوقات الفاضلة بالطاعات؛ من الذكر، والصلوات؛ رغبة وطمعا في قبولها، وقد أعلمنا بهذه الأوقات، وماذا نعمل فيها من قول أو فعل
وفي هذا الحديث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "الدعوة لا ترد"، أي: من الله، "بين الأذان والإقامة"؛ فالدعاء مقبول في هذا الوقت ما بين الأذان -وهو الإعلام بدخول وقت صلاة الفريضة- إلى أن تقام الصلاة؛ لشرف هذا الوقت؛ فهو وقت إخلاص النية، وفتح أبواب السماء للرحمة، وإذا كان الوقت شريفا، كان ثواب العبادة أكثر، وكانت أرجى للقبول، وإذا اكتملت شرائط الدعاء مع شرف الوقت، كان أكثر رجاء للقبول؛ وذلك بإظهار الافتقار إلى الله، والتبرؤ من الحول والقوة إلا به، والإعلان لله بالذل، مع صلاح القلب وحضوره، لكن قد يتخلف أثر الدعاء؛ إما لضعف في نفس الداعي، أو لمخالفة في الدعاء؛ بأن يكون دعاء لا يحبه الله؛ لما فيه من العدوان، وإما لغفلة القلب، وعدم إقباله على الله، وإما لحصول مانع من الإجابة، كأكل حرام، وظلم، واستيلاء غفلة، وسهو ولهو؛ فيبطل قوة الدعاء أو يضعفها، ولفضل هذا الوقت أرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "فادعوا"، وهذا توجيه وحث على الدعاء في هذا الوقت