باب ما جاء في الرخصة في كراهية الرقية1
سنن الترمذي
حدثنا عبدة بن عبد الله الخزاعي قال: حدثنا معاوية بن هشام، عن سفيان، عن عاصم، عن عبد الله بن الحارث، عن أنس، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص في الرقية من الحمة والعين والنملة»
الرُّقيةُ هي التَّعاويذُ الَّتي يُرقَى بها مَن به آفةٌ، كالحُمَّى والصَّرَعِ وغيرِ ذلك مِن الآفاتِ، والمشروعُ منها يكونُ بقِراءةِ القرآنِ والأذكارِ المسْنونةِ، مع التَّوكُّلِ على اللهِ عزَّ وجلَّ والاعتقادِ بأنَّه الشَّافي.
وفي هذا الحديثِ يَرْوي أنَسُ بنُ مالكٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رخَّصَ في الرُّقْيَةِ، والرُّخْصَة إنَّما تكونُ بعدَ النَّهيِ، وكان صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قد نَهى عن الرُّقَى؛ لِمَا عَسَى أنْ يكونَ فيها مِن الألفاظِ الجاهليَّةِ، فانْتَهَى النَّاسُ عن الرُّقَى، ثمَّ إنَّهم لَمَّا أخْبَروه أنَّهم يَنتفِعون بذلك، رخَّص لهم فيها إذا خَلَتْ مِن الألفاظِ الجاهليَّةِ وكلِّ ما يُخالِفُ الشَّريعةَ، وتكونُ الرُّقيةُ «مِنَ العَيْنِ» وهي كِنايةٌ عن الحسَدِ، ومِنَ «الحُمَةِ» وهي لَدْغَةُ العَقْرَبِ، أو كلُّ دابَّةٍ ذاتِ سُمٍّ، وقيل: الحرارةُ النَّاتِجةُ عن الأمراض، ومِنَ «النَّمْلَةِ» وهي قُرُوحٌ تخرُج بالجَنْبِ وغيرِه، وكأنَّها سُمِّيَتْ نَمْلَةً لِانْتِشارِها في البدنِ، وقِيل: هي بُثُورٌ صِغارٌ مع وَرَمٍ يَسِيرٍ، ثُمَّ تَتقرَّح فتُشفَى وتَتَّسِع. وقد رَقَى صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في غيرِ هذه الثَّلاثةِ؛ فليْس المرادُ هنا الحصرَ فيما يكونُ فيه الرُّقيةُ.
وفي الحديثِ: إثباتُ العَيْنِ وأنَّها حقٌّ.
وفيه: بيانُ التداوِي بالرُّقَى الشرعيَّةِ.