باب ما جاء في الرخصة في كراهية الرقية2
سنن الترمذي
حدثنا ابن أبي عمر قال: حدثنا سفيان، عن حصين، عن الشعبي، عن عمران بن حصين، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا رقية إلا من عين أو حمة»: وروى شعبة هذا الحديث، عن حصين، عن الشعبي، عن بريدة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، بمثله
الرُّقيةُ هي التعاويذُ التي يُرقَى بها من به آفةٌ كالحُمَّى والصَّرَعِ وغيرِ ذلك مِن الآفاتِ وهيَ ما يُتعوَّذ بهِ من قِراءةِ القرآنِ، والأذكارِ المسْنونةِ والمشْروعةِ، وقد جعَلَ اللهُ العَوذَ بهِ وطلَبَ الحِمايةِ مِنه في كلِّ ما يُصيبُ الإنْسانَ مِن مَرضٍ وغَيرِه.
وفي هذا الحَديثِ خصَّ النبيُّ صلى الله الرُّقيةَ باثْنتَينِ؛ حيثُ أخبرَ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أنَّه لا رُقيةَ، أي: لا رُقيةَ أشْفى وأَوْلى وأنفعُ، "إلَّا مِن عَينٍ"؛ أي مَن أصابَته عينٌ فأوْقَعتْ بهِ ضررًا، أوْ حُمَةً، و"الحُمَة": قيلَ: سُمُّ العَقربِ وشِبْهها.
وقيل: الحرارةُ الناتِجةُ عن السُّمومِ.
وكانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قدْ رَقى ورُقِي، وأمرَ بها وأجازَ الرُّقيةَ، فإذا كانت بالقرآنِ وبأسماءِ اللهِ تَعالى فهيَ مُباحةٌ، وأمَّا ما كان بغيرِ لِسانِ العَربِ أو بالطَّلاسمِ غيرِ المفْهومةِ، فإنَّه رُبما كانَ كفرًا أو قولًا يَدخلُه الشِّركُ، قالَ: ويَحتملُ أن يكونَ النَّهيُ الذي ذكَره مِن الرُّقيةِ ما كانَ مِنها على مذاهبِ أهلِ الجاهِليَّةِ في العُوذِ التي كانوا يتعاطونَها، ويَعتقدون أنَّها تدفعُ عنهمُ الآفاتِ.
وقدْ يكونُ معنى حصْرِ الرُّقيةِ في العَين والحُمةِ؛ لأنَّهما أصلُ كلِّ ما يُحتاجُ إلى الرُّقيةِ، فيُلحقُ بالعَينِ مَشروعيَّةُ الرُّقيةِ لمنْ به خَبَلٌ أو مَسٌّ مِن الجِنِّ، ونحوُ ذلك؛ لاشتِراكها فِي كونِها تَنشأُ عن أحوالٍ شَيطانيَّةٍ، مِنْ إنسيٍّ، أو جِنِّيٍّ، ويلتحق بالسُّمِّ كلُّ ما عرضَ للبدنِ، منْ قرح ونحوه.