‌‌باب ما جاء في السجدة في ص

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء في السجدة في ص

حدثنا ابن أبي عمر قال: حدثنا سفيان، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد في ص»، قال ابن عباس: «وليست من عزائم السجود»: " هذا حديث حسن صحيح، واختلف أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم في هذا، فرأى بعض أهل العلم أن يسجد فيها، وهو قول سفيان، وابن المبارك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وقال بعضهم: إنها توبة نبي، ولم يروا السجود فيها "
‌‌

السُّجودُ للهِ تعالَى مِن أعظمِ العِباداتِ التي تُقرِّبُ العَبدَ مِن ربِّه جلَّ وعلا؛ ففيه التَّذلُّلُ بيْن يدَيِ اللهِ عزَّ وجلَّ، وفي القُرآنِ الكريمِ آياتٌ يَقرؤُها المسلِمُ أو يَسمَعُها فيَسجُدُ خُضوعًا للهِ تعالَى، وهو ما يُسمَّى (سُجودَ التِّلاوةِ)، وفي القُرآنِ خَمسةَ عشَرَ مَوضعًا يُسجَدُ فيها سُجودُ التِّلاوةِ علَى المشهورِ.
وفي هذا الحديثِ توضيحٌ لبَعضِ هذه المواضِعِ، حيثُ يَذكُرُ عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ السَّجدةَ الَّتي في سُورةِ «ص» -وهي قولُه تعالَى: {فَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ} [ص: 24]- ليستْ مِنَ عَزائمِ السُّجودِ، أي: ليستْ مِن المواضعِ المأمورِ بِالسُّجودِ فيها؛ فالعزائمُ هي ما ورَد التَّأكيدُ على فِعلِه، كصِيغةِ الأمرِ مَثلًا، وأيضًا فهذه الآيةُ بلَفظِ الرُّكوعِ، فلولا التَّوقيفُ ما ظهَرَ أنَّ فيها سَجدةً، وقد رَأى ابنُ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَسجُدُ فيها مُوافقةً لأخيهِ داودَ عليه السَّلامُ، ووَرَدَ في رِوايةِ النَّسائيِّ عن ابنِ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سجَدَ في «ص»، وقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «سَجَدَها داودُ تَوبةً، ونَسجُدُها شُكرًا». ويُقالُ في سُجودِ التِّلاوةِ ما يُشرَع قولُه في سُجودِ الصَّلاةِ من التَّسبيحِ والدُّعاءِ.
وفي الحديثِ: مَشروعيَّةُ السُّجودِ في سَجدةِ سُورةِ «ص».