باب ما جاء في الشفاعة3
سنن الترمذى
حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا أبو داود الطيالسي، عن محمد بن ثابت البناني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي» قال محمد بن علي: فقال لي جابر: «يا محمد من لم يكن من أهل الكبائر فما له وللشفاعة»: «هذا حديث غريب من هذا الوجه يستغرب من حديث جعفر بن محمد»
تَفضَّل اللهُ سُبحانَه على أُمَّةِ الإسلامِ بشَفاعةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم لهم يَومَ القيامةِ، وقدْ جاءتِ الآثارُ الَّتي بلَغتْ بِمجْموعِها حَدَّ التواتُرِ بصِحَّةِ الشَّفاعةِ في الآخِرةِ.
وفي هذا الحديثِ يَقولُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: "شَفاعَتي"، أي: يَقبلُ اللهُ عزَّ وجلَّ مِنِّي الشَّفاعةَ في الآخِرةِ "لأَهلِ الكَبائرِ مِن أُمَّتي"، أي: مِن الذينَ قالُوا: لا إِلهَ إلا اللهُ فلا يَدخلونَ بها النارَ، ومَنْ دخلَها فإنَّه سيخرُجُ بِتلكَ الشَّفاعةِ، والمقصودُ مِن الكَبائرِ: الذُّنوبُ العَظيمةُ، وهيَ كلُّ ذَنبٍ أُطْلِقَ عليهِ في القُرآنِ أو السُّنَّةِ الصَّحيحةِ، أو الإجماعِ أنَّه كَبيرةٌ، أو أنَّه ذَنبٌ عَظيمٌ، أو أُخْبِر فيه بشِدَّةِ العقابِ، أو كانَ فيه حَدٌّ، أو شُدِّدَ النَّكيرُ على فاعلِه، أو ورَد فيه لَعْنُ فاعلِه.
وقيلَ: الكبائِرُ هي كلُّ فِعلٍ قَبيحٍ شَدَّدَ الشَّرْعُ في النَّهيِ عنه، وأعْظَمَ أمْرَه.
وقد قيلَ: إنَّ شفاعَته صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم على خَمْس شفاعاتٍ: الأُولى منها ما خُصَّ بهِ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم مِن إراحَتِه مِن هَوْلِ الموقفِ وتَعجيلِ الحسابِ.
الثانية: ما وردَ في دُخولِ قَومٍ الجنَّةَ بغَيرِ حسابٍ.
الثالثة: شفاعتُه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم فيمَن وجبَتْ في حقِّه النارُ.
الرابعة: الشفاعةُ فيمَن يدخُلُ النارَ مِن المذنِبينَ، فقدْ جاءتِ الأَحاديثُ بإخراجِهمْ مِن النارِ بِشفاعةِ نَبيِّنا صلَّى الله عليه وسلَّم والملائكةِ وإخوانِهم مِن المؤمِنينَ، ثم يُخرِجُ اللهُ تَعالى كلَّ مَن قالَ: لا إلهَ إلا اللهُ.
الخامسة: الشَّفاعةُ في زِيادةِ الدَّرجاتِ لأهلِ الجَنَّةِ.