‌‌باب ما جاء في الصلاة عند التوبة

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء في الصلاة عند التوبة

حدثنا قتيبة قال: حدثنا أبو عوانة، عن عثمان بن المغيرة، عن علي بن ربيعة، عن أسماء بن الحكم الفزاري، قال: سمعت عليا، يقول: إني كنت رجلا إذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا نفعني الله منه بما شاء أن ينفعني به، وإذا حدثني رجل من أصحابه استحلفته فإذا حلف لي صدقته، وإنه حدثني أبو بكر، وصدق أبو بكر، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما من رجل يذنب ذنبا، ثم يقوم فيتطهر، ثم يصلي، ثم يستغفر الله، إلا غفر الله له»، ثم قرأ هذه الآية: {والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم} [آل عمران: 135]، وفي الباب عن ابن مسعود، وأبي الدرداء، وأنس، وأبي أمامة، ومعاذ، وواثلة، وأبي اليسر واسمه كعب بن عمرو،: «حديث علي حديث حسن لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث عثمان بن المغيرة»، وروى عنه شعبة، وغير واحد، فرفعوه مثل حديث أبي عوانة، ورواه سفيان الثوري، ومسعر، فأوقفاه، ولم يرفعاه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقد روي عن مسعر هذا الحديث مرفوعا أيضا
‌‌

مِن مَعالمِ الإيمانِ الاستِغفارُ والتوبةُ والنَّدمُ والإقْلاعُ عنِ الذَّنبِ، والعَزمُ على عدم العودةِ إليه، وفي ذلك يُخبِرُ عليُّ بنُ أبي طالبٍ رضيَ اللهُ عنه أنَّه كانَ إذا سمِعَ حديثًا مِن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم نفَعه اللهُ بهِ ما شاءَ أن ينفَعَه، وإذا ما أخذَ الحديثَ عن أحدٍ مِن أصْحابِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، عَن النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم استَحْلفَه عَليه، أي جَعلَه يُقسِمُ أنَّ الحديثَ الذي يُحدِّث بهِ أنَّه سمِعَه مِن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، فإذا حلَفَ له صدَّقه، وهذا مِن بابِ زِيادةِ التوثُّقِ والتأكُّد وليسَ مِن باب التَّكذيبِ للصَّحابةِ، وقدْ حدَّثه أبو بكرٍ رضيَ الله عَنه حديثًا دُونَ حلِفٍ.
يقولُ عليٌّ في تَحديثِ أَبي بكرٍ له: وصدَقَ أبو بَكرٍ رضيَ الله عَنه، أي: في تَحديثِه له دُونَ حلِفٍ، وهذِه مَنقبةٌ لأَبي بَكرٍ رضِيَ اللهُ عنه، يقولُ أبو بكر في حديثِه الذي حدَّثه بهِ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: ما مِن عَبدٍ يُذنِبُ ذَنبًا، أي: يرتَكِبُ ذنبًا صغيرًا كانَ أو كبيرًا، فيُحسن الطُّهورَ، أي: فيُحسنُ الوُضوءَ، ثم يقومُ فيصلِّي رَكعتَينِ، أي: تكونُ الرَّكعتانِ بِنيَّةِ التوبةِ عن ذَنبهِ هذا، ثم يَستغفِرُ اللهَ، أي: لذلكَ الذنبِ، إلَّا غَفر اللهُ له، أي: إلَّا كانَ حقًّا على اللهِ أنْ يغفِرَ ذنبَه هذا الذي مِن أجلِه تطهَّرَ ثم قامَ فصلَّى ثم استغْفرَ الله مِنه. ثم قرأَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم قولَه تَعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران: 135].
وفي الحديث: استحلافُ المُخبِرِ بشيءٍ؛ لزيادة التوثُّق.
وفيه: تَعظيمُ عليٍّ لأبي بَكرٍ الصِّدِّيقِ رضِيَ اللهُ عنهما.